من التصيد إلى سرقة الهوية.. كيف غيرت التكنولوجيا ملامح الاحتيال المالي؟

شهد العالم في العقود الأخيرة تطورًا تكنولوجيًا هائلاً أثر بشكل جذري على مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك القطاع المالي، وهذا التطور رغم فوائده العديدة، أتاح للمحتالين فرصًا جديدة لابتكار أساليب احتيال مالي متقدمة ومعقدة.
وفي هذا التقرير، من بانكير، سنستعرض كيف أسهمت التكنولوجيا في تغيير أساليب الاحتيال المالي، وأبرز الطرق التي يستخدمها المحتالون في العصر الرقمي، بالإضافة إلى الاستراتيجيات المتبعة لمكافحة هذه الظاهرة.
تأثير التكنولوجيا على أساليب الاحتيال المالي
ومع التحول الرقمي المتسارع، أصبحت العمليات المالية أكثر سهولة وسرعة، مما أدى إلى ظهور منصات وخدمات مالية إلكترونية متعددة، ومع ذلك، فإن هذا التحول أتاح للمحتالين استغلال الثغرات التقنية لابتكار أساليب احتيال جديدة.
وعلى سبيل المثال، أدى الاعتماد المتزايد على المعاملات عبر الإنترنت إلى زيادة حالات سرقة الهوية والاحتيال عبر البريد الإلكتروني والتصيد الاحتيالي.
أبرز أساليب الاحتيال المالي في العصر الرقمي
التصيد الاحتيالي
يعتبر التصيد الاحتيالي من أكثر الأساليب شيوعًا، حيث يقوم المحتالون بإرسال رسائل بريد إلكتروني أو رسائل نصية تبدو وكأنها من جهات موثوقة، مثل البنوك أو الشركات الكبرى، بهدف خداع المستلمين للكشف عن معلومات حساسة كأرقام الحسابات أو كلمات المرور.
وتتضمن هذه الرسائل روابط أو مرفقات ضارة تمكن المحتالين من سرقة البيانات عند النقر عليها.
سرقة الهوية
وفي هذا النوع، يحصل المحتالون على معلومات شخصية للضحايا، مثل أرقام الهوية أو تفاصيل الحسابات المصرفية، ويستخدمونها لفتح حسابات جديدة أو إجراء معاملات مالية باسم الضحية.
وتعد سرقة الهوية من أخطر أنواع الاحتيال نظرًا لتأثيرها السلبي على السمعة المالية للضحايا.
الاحتيال عبر منصات التجارة الإلكترونية
ويستغل المحتالون منصات التجارة الإلكترونية لعرض سلع أو خدمات بأسعار مغرية، وبعد قيام الضحايا بالدفع، لا يتلقون البضائع مطلقًا أو يتلقون سلعًا مزيفة أو ذات جودة منخفضة.
وأحيانًا تستخدم بيانات الدفع المسروقة لإجراء عمليات شراء غير مصرح بها.
الاستيلاء على الحسابات
ويتمكن المحتالون من الوصول غير المصرح به إلى حسابات المستخدمين عبر سرقة بيانات تسجيل الدخول باستخدام تقنيات مثل التصيد الاحتيالي أو البرمجيات الخبيثة.
وبمجرد الوصول، يمكنهم إجراء عمليات شراء أو تحويل أموال دون علم صاحب الحساب.
الاحتيال عبر التطبيقات الوهمية
يقوم المحتالون بإنشاء تطبيقات مزيفة تبدو كأنها تطبيقات رسمية لبنوك أو شركات مالية، وبمجرد تنزيلها، يتمكنون من سرقة المعلومات الشخصية والمالية للمستخدمين.
استراتيجيات مكافحة الاحتيال المالي في العصر الرقمي
استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي
تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الضخمة واكتشاف الأنماط غير الطبيعية في المعاملات المالية، مما يساعد في الكشف المبكر عن الأنشطة الاحتيالية، ومع ذلك، يجب تدريب هذه الخوارزميات بعناية لتقليل النتائج الإيجابية الزائفة التي قد تؤدي إلى إزعاج العملاء وتعطيل العمليات.
تعزيز التوعية والتثقيف
يعتبر توعية المستخدمين بأحدث أساليب الاحتيال وطرق الحماية منها من أهم وسائل الوقاية، ويجب على المؤسسات المالية إطلاق حملات توعوية دورية لعملائها حول كيفية التعرف على محاولات الاحتيال وتجنبها.
تطبيق أنظمة تحقق متعددة العوامل (MFA)
تضيف أنظمة التحقق متعددة العوامل طبقة إضافية من الأمان، حيث تتطلب من المستخدم تقديم أكثر من وسيلة للتحقق من هويته، مثل كلمة المرور ورمز يرسل إلى الهاتف المحمول، مما يقلل من فرص الاستيلاء على الحسابات.
التعاون بين المؤسسات المالية والجهات الحكومية
يسهم التعاون وتبادل المعلومات بين المؤسسات المالية والجهات الحكومية في تتبع ورصد الأنشطة الاحتيالية بشكل أكثر فعالية، مما يساعد في تطوير استراتيجيات مشتركة لمكافحة الاحتيال.
تحديث الأنظمة والتقنيات باستمرار
يجب على المؤسسات المالية الاستثمار في تحديث أنظمتها الأمنية بشكل دوري لمواكبة التطورات التكنولوجية والتصدي للتهديدات الجديدة، ويشمل ذلك استخدام تقنيات التشفير المتقدمة وجدران الحماية وأنظمة الكشف عن التسلل.
ومع استمرار التطور التكنولوجي، ستظل أساليب الاحتيال المالي تتطور وتزداد تعقيدًا، ولذلك يتعين على الأفراد والمؤسسات البقاء على اطلاع دائم بأحدث التهديدات والتقنيات المستخدمة في الاحتيال، وتبني استراتيجيات فعّالة لحماية الأصول والمعلومات المالية.
كما يبقى الوعي والتعاون واستخدام التقنيات المتقدمة الركائز الأساسية في مكافحة الاحتيال المالي في العصر الرقمي.