الأحد 28 أبريل 2024
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
تحليل

هل يتحرك سعر الدولار غدا بالبنوك بعد تثبيت المركزي المصري لسعر الفائدة بآخر اجتماع في 2023؟

السبت 23/ديسمبر/2023 - 05:14 م
الدولار والجنيه
الدولار والجنيه

يتكهن العديد من خبراء البنوك والاقتصاد ببدء تحرك السعر الرسمي لصرف الدولار الأمريكي بالجنيه المصري في البنك المركزي المصري والبنوك المحلية ، إيذانا بانطلاق تعويم جديد للعملة المحلية وفقا لشروط قرض الـ3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي التي تم الاتفاق عليها في نوفمبر 2022 وتأخرت المراجعة الأولى والثانية فضلا عن منع صرف دفعتين من القرض.

وكان آخر اجتماع للبنك المركزي المصري لحسم سعر الفائدة في 2023، يوم الخميس الماضي 21 ديسمبر، حيث قررت لجنة السياسة النقديـة الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوي 19.25%، 20.25% و19.75% على الترتيب كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوي 19.75%.

تعويم جديد للجنيه

منذ فبراير 2022 مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية وانطلاق حملة البنوك المركزية الكبرى في التشديد النقدي لمكافحة التضخم، تزامن ذلك مع خروج أكثر من 21 مليار دولار من سوق أدوات الدين المصرية ما دعا البنك المركزي المصري إلى خفض قيمة الجنيه في مارس 2022 ثم خفض آخر في أكتوبر 2022 ثم خفض للمرة الثالثة في يناير 2023 ليقف الدولار عند 31 جنيها تقريبا في سوق الصرف الرسمي.

ومع زيادة الضغوط على العملة المحلية واستمرار تجارة الدولار في السوق السوداء فضلا عن شروط صندوق النقد الدولي ، يتوقع الكثير من الخبراء حدوث تعويم جديد للجنيه أمام الدولار وذلك لحل أزمة العملة.

ولعل البنك المركزي المصري برئاسة المصرفي النابه حسن عبدالله، قطع شوطا كبيرا خلال 2023 للحفاظ على سياسة نقدية رصينة وحكيمة لخفض معدلات التضخم وفي نفس الوقت عدم حدوث ركود اقتصادي، واتخذت لجنة السياسة النقدية قراراتها بناء على ما يتوفر لديها من بيانات متعلقة بالأجور والتضخم والنمو الاقتصادي ما دعا الكثير من المؤسسات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي للإشادة بقرارات البنك المركزي المصري. 

أزمة العملة الأجنبية في مصر

وتشهد مصر أزمة اقتصادية أدت إلى انخفاض عدد الدولارات الأمريكية والعملات الصعبة الأخرى المتوفرة في السوق.

وفي الفترة من 2020 إلى 2022، أثرت جائحة كوفيد-19 سلبًا على أكبر مصدرين للعملة الأجنبية في مصر – السياحة وقطاع النفط والغاز وبدأ كلاهما في الانتعاش في عام 2022، ولكن في عام 2023، يكافح كلا القطاعين لاستعادة إيراداتهما قبل فيروس كورونا. 

كما أثرت الحرب في أوكرانيا سلبًا على قطاع السياحة في مصر، حيث يشكل الروس والأوكرانيون عادةً جزءًا كبيرًا من السياح الدائمين في مصر، كما أثرت الحرب في غزة سلبًا على أسعار السلع الأساسية، مثل القمح، الذي تعتمد عليه مصر بشكل كبير لإطعام سكانها الذين يزيد عددهم عن 105 مليون نسمة.

وفي يناير 2023، قام البنك المركزي المصري بتخفيض قيمة الجنيه المصري للمرة الثالثة، مما أدى إلى خسارة ما يقرب من 40% من قيمته لتصل إلى 31 جنيهًا لكل دولار أمريكي من المصادر الرسمية.

وإن انخفاض قيمة العملة المحلية، وارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، وارتفاع التضخم المحلي، يجعل من الصعب على المشترين المصريين الوفاء بالتزاماتهم المالي كما أدى نقص العملة الأجنبية إلى متطلبات مصرفية صارمة لتمويل الواردات مع العلم أن البنك المركزي المصري يبذل جهودا مضنية للوفاء بالالتزامات الدولارية سواء على مستوى سداد فوائد وأقساط الديون المستحقة أو تزويد المستوردين والشركات بالعملة الصعبة لاستمرار أعمالهم في استيراد المواد الخام للصناعات المهمة والبضاع والأدوية والسلع الغذائية.

أسباب تثبيت الفائدة بآخر اجتماع للبنك المركزي المصري في 2023

أولا: على الصعيد العالمي

- اتسم النشاط الاقتصادي بالتباطؤ، حيث ساهمت سياسات التقييد النقدي التي اتبعتها البنوك المركزية الرئيسية في خفض كل من توقعات النمو الاقتصادي مقارنةً بما تم عرضه على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق. 

- شهدت أسعار السلع العالمية وخاصة أسعار الطاقة انخفاضاً بشكل عام، وقد جاء ذلك نتيجة لتراجع عمليات المضاربة بشأن توقعات نقص إمدادات النفط وانخفاض الطلب العالمي. 

- انخفضت الضغوط التضخمية العالمية مؤخراً نتيجة لسياسات التقييد النقدي التي تم اتباعها في العديد من الاقتصادات، وعليه تراجعت توقعات معدلات التضخم لتلك الاقتصادات مقارنةً بما تم عرضه في الاجتماع السابق. 

- حالة عدم اليقين حول توقعات التضخم، خاصة ما يتعلق بأسعار الطاقة العالمية وذلك نتيجة للتوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم حالياً.

ثانيا: على الصعيد المحلي

- شهد معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي تباطؤاً مسجلاً 2.9% خلال الربع الثاني من عام 2023 مقارنةً بمعدل 3.9% خلال الربع السابق له. 

- سجل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 3.8% خلال العام المالي 2022/2023 مقارنة بمعدل نمو بلغ 6.7% في العام المالي 2021/2022.

- جاء التباطؤ في معدل نمو النشاط الاقتصادي نتيجة الانكماش في إجمالي الاستثمارات المحلية بشكل أساسي، في حين ساهم كل من الاستهلاك وصافي الصادرات بشكل إيجابي في معدل النمو الاقتصادي.

- من المتوقع أن يستمر معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في التباطؤ خلال العام المالي 2023/2024 مقارنةً بالعام المالي السابق له، على أن يعاود الارتفاع تدريجياً فيما بعد. 

- يأتي ذلك تماشياً مع التطورات الفعلية للبيانات وكذا التداعيات السلبية الناجمة عن المخاطر الجيوسياسية والآثار المترتبة عليهما وبشكل خاص على قطاع الخدمات.

- فيما يتعلق بسوق العمل، استقر معدل البطالة إلى حد كبير مسجلاً 7.1% خلال الربع الثالث من عام 2023.

المفاوضات مع صندوق النقد الدولي

عند إتمام صفقة القرض من صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2022، أرفق صندوق النقد الدولي شروطا ببرنامج القرض، بتضمين "سياسات لإطلاق العنان لنمو القطاع الخاص، بما في ذلك عن الحد من مزاحمة للدولة، واعتماد إطار منافسة أكثر قوة، وتعزيز الشفافية، وضمان تحسين تيسير التجارة".

وتوقعت وكالة فيتش للتصنيف الائماني تفاوض الحكومة المصرية بنجاح بشأن برنامج جديد لصندوق النقد الدولي، ومن المرجح أن يكون ذلك في الربع الثاني من عام 2024 مضيفة أن التداعيات السلبية للحرب بين فلسطين وإسرائيل على الاقتصاد المصري ودور القاهرة كوسيط في الصراع سوف تحفز زيادة الدعم المالي الأجنبي.

وأشارت فيتش إلى أن برنامج صندوق النقد الدولي سيكون على الأرجح أكبر من 5 مليار دولار، وأن الصندوق سيكون أكثر تساهلا في المطالبة بالإصلاحات.

مصر تستفيد من المخاوف بشأن الصراع بين إسرائيل وغزة

وقالت كريستالينا جورجييفا المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي لرويترز في نوفمبر الماضي إن صندوق النقد الدولي “يدرس بجدية” زيادة برنامج قروض مصر البالغة ثلاثة مليارات دولار مع ظهور صعوبات اقتصادية جديدة بسبب حرب فلسطين وإسرائيل.

إصلاحات اقتصادية جادة

يحرص صندوق النقد الدولي وشركاء مصر الخليجيون على رؤية القاهرة تجري إصلاحات هيكلية، بما في ذلك إبطاء مشاريع البنية التحتية التي تديرها الحكومة وتقليص ممتلكات الشركات المملوكة للحكومة ، والذي بدأ بالفعل عن طريق برنامج الطروحات وهذا من شأنه أن يساعد الاقتصاد.

كما تواصل مصر اتصالاتها مع الشركاء حيث تم التوصل إلى اتفاق مبادلة الديون مع الصين في أكتوبر ، ودخلت تركيا السوق المصرية مع بدء ذوبان الجليد في العلاقة المصرية التركية مؤخرا وتم إحراز تقدم خلال العام منذ التقى وفدا الأعمال المصري والتركي للمرة الأولى منذ تسع سنوات وألغت مصر حاجة المواطنين الأتراك إلى الحصول على تأشيرة دخول مصرية في أبريل 2023، وتتمتع الشركات التركية العاملة في مصر بإمكانية الوصول إلى أسواق جديدة لأنه يُسمح لها بالتداول بدون رسوم جمركية مع دول خارجية.

وبلغ إجمالي الاستثمارات التركية في مصر، حيث تكاليف العمالة والإنتاج أقل بكثير، 2.5 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ويمكن أن تصل إلى 3 مليارات دولار أمريكي بحلول نهاية هذا العام.

ولكن نقص العملة الأجنبية لا يزال يشكل عائقا وكثيراً ما تشتكي الشركات التركية المنتجة للسلع للسوق المصرية من التأخير أو عدم السداد، وهو الوضع الذي يحاول البنكان المركزيان التركي والمصري إيجاد حل له.