الخميس 02 مايو 2024
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
تحليل

الدولار المخيف واليورو الضعيف وفوضي الإسترليني.. أرقام كارثية في عام السقوط الحر للجميع

الأحد 09/أكتوبر/2022 - 08:45 م
الدولار
الدولار


أوقات عصيبة تلك التي يعيشها الاقتصاد العالمي، خاصة بعد مجموعة قوية من البيانات والقرارات التي قلبت المشهد رأسًا على عقب خلال أسبوع حامي الوطيس من كافة الاتجاهات.

مسؤولو الفيدرالي الأمريكي يخالفون التوقعات الخاصة بخفض أسعار الفائدة العام المقبل بعد صدور بيانات اقتصادية متباينة بينما الاحتياطي الأسترالي يهدأ وتيرة رفع أسعار الفائدة.

وفي الوقت الذي تتجه فيه أوروبا نحو الركود في ظل تباطؤ النشاط الاقتصادي والارتفاع الصاروخي للتضخم، المركزي الأوروبي يستعد لرفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في اجتماعه المقبل.

المملكة المتحدة تتراجع عن خطط التخفيضات الضريبية الهائلة غير الممولة بعد ردود الأفعال القوية من بريطانيا ونظرائها العالميين.

ارتفاع في سعر الدولار الأميركي بالتزامن مع معنويات السوق الهشة المصاحبة لارتفاع تكاليف الاقتراض بوتيرة سريعة، مما قد يؤدي إلى تدهور اقتصادي عالمي أعمق، وتصعيد حدة الصراع بين روسيا وأوكرانيا، والتدابير المتشددة التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي.

الأوبك وحلفاؤها يعلنون عن خفض الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل يومياً، مما يعد أكبر خفض لحصص الإنتاج منذ عام 2020 في إطار مساعيها لدعم أسعار النفط فوق مستوى 90 دولار للبرميل.


اضطرابات اقتصادية
 

تصاعدت المخاوف المتعلقة بالنمو الاقتصادي في ظل مواصلة مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع سعر الفائدة لكبح التضخم، وتراجع مؤشر قطاع التصنيع في الولايات المتحدة في سبتمبر ليصل إلى 50.9 ، متراجعاً بذلك عن أدنى مستوياته المسجلة على مدار العامين الماضيين بعد أن تقلصت الطلبات للمرة الثالثة خلال أربعة أشهر. 
وانخفض مؤشر الطلبات الجديدة إلى 47.1 ، والذي يعتبر أيضاً أدنى مستوياته منذ الأشهر الأولى للجائحة، في إشارة إلى تراجع الطلب، وفي ذات الوقت، استقرت معدلات نمو مزودي الخدمات الأمريكيين في سبتمبر، مما يعكس قوة النشاط التجاري وتزايد الطلبات في حين انخفض مقياس الأسعار إلى أدنى مستوياته منذ بداية عام 2021.

وتشير تلك البيانات إلى أن الطلب على الخدمات ما يزال قوياً على الرغم من تزايد معدلات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وتنامي المخاوف المتعلقة بآفاق النمو الاقتصادي. ويعتبر تشديد أوضاع سوق العمل من أبرز العوامل الجوهرية التي تعزز ذلك الطلب، وذلك في ظل تزايد الوظائف وانخفاض معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها تاريخياً.

إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن معدلات نمو الأجور، على الرغم من تباطؤ وتيرة نموها مقارنة بالتضخم، ما تزال مرتفعة للغاية، وما يزال سوق العمل يظهر مؤشرات دالة على قوته ومرونته، ربما أكثر مما يرغب الاحتياطي الفيدرالي، وذلك على الرغم من تباطؤ وتيرة خلق فرص عمل جديدة.

وكشف مؤشر الوظائف الشاغرة ومعدل دوران العمل عن انخفاض فرص العمل بنحو 10.1 مليون وظيفة في أغسطس الماضي، فيما يعد أدنى مستوياته المسجلة منذ يونيو 2021، إلا أنه على الرغم من ذلك، ما يزال مرتفعاً للغاية.

وارتفع عدد الوظائف غير الزراعية في القطاع الخاص بمقدار 208 ألف وظيفة في سبتمبر، متخطياً التوقعات، كما يعتبر أعلى من معدلات النمو المسجلة الشهر الماضي والتي بلغت 185 ألف.

وارتفع إجمالي الوظائف غير الزراعية بمقدار 263 ألف وظيفة في سبتمبر هو الآخر بوتيرة أعلى مما كان متوقعاً في سبتمبر، بينما انخفض معدل البطالة من 3.7% إلى 3.5%، وظل معدل نمو الأجور قوياً، إذ ارتفع بنسبة 0.3% على أساس شهري (5% على أساس سنوي)، مما يشير إلى قوة الطلب على العمالة في ظل ارتفاع تكاليف الاقتراض وتشديد الأوضاع المالية.

مهمة الفيدرالي
 

في الوقت الذي توقعت فيه الأسواق خفض الفائدة بنهاية العام المقبل بعد صدور بيانات اقتصادية متباينة، تمسك مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بموقفهم وأكدوا مواصلة رفع أسعار الفائدة مشيرين إلى أنها ستظل مرتفعة.

وكانت ماري دالي رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو ورافائيل بوستيك رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا آخر من انضموا للمنادين بمواصلة تشديد السياسات النقدية للسيطرة على التضخم، وقال بوستيك إنه يفضل رفع أسعار الفائدة في حدود تتراوح ما بين 4% و4.5% بنهاية هذا العام.

انحياز للدولار
 

وأدت سياسات الاحتياطي الفيدرالي إلى تحويل الدولار الأمريكي إلى قوى مدمرة فيما لا توجد دلائل على نهاية قريبة في الأفق لذلك،ومن الواضح أن السوق قد انحاز لصف الدولار الذي يعتبر من أفضل الملاذات الآمنة في ظل تزايد حالة عدم اليقين.

وساهمت الدعوات المتشددة لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في تعزيز ارتفاع عائدات سندات الخزانة وصعود الدولار، وأنهى مؤشر الدولار تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 112.747.

اليورو الضعيف
 

اضطر البنك المركزي الأوروبي التعامل مع ارتفاع معدلات التضخم مع تزايد أزمة الطاقة وضعف اليورو نتيجة للتداعيات غير المباشرة للسياسات النقدية المتشددة التي تطبقها الولايات المتحدة.

وكشف محضر الاجتماع الأخير للبنك المركزي الأوروبي في سبتمبر عن تفضيل بعض صانعي السياسات رفع سعر الفائدة بمعدل أقل بمقدار 50 نقطة أساس على الرغم من الموافقة أخيراً على التحرك بمقدار 75 نقطة أساس.

وأوضح البيان قلق مجلس الإدارة من ترسخ معدلات التضخم عند مستويات مرتفعة بشكل استثنائي وأن انخفاض اليورو قد يضيف إلى الضغوط التضخمية، لذلك، كانت هناك حاجة إلى تشديد السياسات النقدية بوتيرة أكثر حدة، حتى لو أدى ذلك إلى التأثير سلباً على النمو.

وتضمن محضر الاجتماع أن الضعف المتوقع في النشاط الاقتصادي لن يكون كافيا لخفض التضخم إلى حد كبير ولن يعيد بحد ذاته التضخم المتوقع إلى المستوى المستهدف.

وعلى الرغم من عدم وجود اتفاق يشير إلى ارتفاع مماثل لسعر الفائدة في الاجتماعات المستقبلية، إلا ان صانعي السياسات أعربوا بالفعل عن استعدادهم لرفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس أخرى لسعر الفائدة على الودائع ليصل إلى 0.75% في الاجتماع المقرر عقده في وقت لاحق من الشهر الحالي.
وما يزال اليورو دون مستوى التعادل مع الدولار الأمريكي حتى بعد أن أشار محضر اجتماع البنك المركزي الأوروبي الأخير إلى تطبيق المزيد من السياسات النقدية المتشددة في المستقبل، وأنهى اليورو تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 0.9745.

فوضي الاسترليني

بعد الاضطرابات الشديدة التي شهدتها الأسواق وتصاعد حدة الانتقادات من داخل بريطانيا وكافة أنحاء العالم، تراجعت حكومة المملكة المتحدة عن خطتها لإلغاء الخفض الضريبي على الدخل الذي يزيد عن 150 ألف جنيه إسترليني (166.770 دولار) من 45% إلى 40%.

وأدت الفوضى التي أحدثتها خطة خفض الضرائب غير الممولة إلى محو المليارات من الجنيهات من الأسواق المالية البريطانية، وأجبرت بنك إنجلترا على التدخل لمنع انهيار سوق السندات، وانخفض الجنيه الإسترليني إلى مستوى قياسي لم يشهده من قبل أمام الدولار الأمريكي.

ومن المقرر أن يعلن وزير الخزانة كواسي كوارتنج عن خطته المالية متوسطة المدى لتهدئة الأسواق المالية تجاه استراتيجيته الاقتصادية.

وقال إن الإعلان سيحدد كيف نخطط لتراجع الديون كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط، وأضافت رئيسة الوزراء ليز تراس تركيزنا ينصب الآن على بناء اقتصاد مع نمو مرتفع يمول الخدمات العامة الأساسية ويزيد الرواتب ويخلق فرصاً في كافة أنحاء البلاد.

وشهد الجنيه الإسترليني موجة من التقلبات الشديدة خلال الفترة الأخيرة، وظل يتراجع على الرغم من ارتفاع عائدات السندات بشكل حاد، في إشارة تدل عادة على قلق الأسواق بشأن مصداقية السياسات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن مخاطر تباطؤ وتيرة نمو هذا الاقتصاد الكبير العام المقبل في ظل وصول معدل التضخم إلى أعلى مستوياته وتسجيل أكبر عجز في الحساب الجاري، وهي العوامل التي كانت لها تأثيراً سلبياً بصفة خاصة على الجنيه الإسترليني الذي أنهى تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 1.1088.

شفا الركود
 

تأثر النشاط الاقتصادي في أوروبا جراء الارتفاع الصاروخي لأسعار الطاقة التي تستمر في ترسيخ ارتفاع معدلات التضخم. وخلال شهر أغسطس، قفزت أسعار المنتجين في منطقة اليورو بنسبة 5% على أساس شهري (43.3% على أساس سنوي) فيما يعد أكبر ارتفاع تشهده منذ مارس.

بينما ارتفعت الأسعار الأساسية التي تستبعد الطاقة بنسبة 0.3% (14.5% على أساس سنوي)، وتراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.3% على أساس شهري (2% على أساس سنوي) مما يشير إلى تضرر طلب المستهلكين من صدمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية وتأكيد التوقعات بركود وشيك.

كما أن الآفاق الاقتصادية في المنطقة تتخذ اتجاهات أكثر قتامة مما أدى إلى تعثر الطلب في مواجهة ارتفاع معدلات التضخم وإثقال كاهل النشاط الاقتصادي في أكبر اقتصاد على مستوى أوروبا، حيث فقد قطاع التصنيع في ألمانيا المزيد من الزخم في أغسطس بوصول طلبيات المصانع والإنتاج الصناعي الى مستويات دون التوقعات مرة أخرى.

وتراجعت طلبيات المصانع بنسبة 2.4% على اساس شهري والإنتاج الصناعي بنسبة 0.8% بسبب استمرار اختناقات العرض، وأدى ارتفاع تكاليف الطاقة إلى دفع أسعار الواردات للنمو بنسبة 4.3% في أغسطس، فيما يعد أعلى المستويات المسجلة منذ عام 1974 وتراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 1.3%.

الين الياباني
 

وانهي الين الياباني تداولات الأسبوع فوق الخط الأحمر عند مستوى 145 بوصوله إلى 145.33، وصرح وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي أن الحكومة مستعدة للتدخل في أسواق العملات لمنع حدوث خسائر أعمق للعملة المحلية.

ظلت الثقة في الأعمال اليابانية هشة على مدار ثلاثة أرباع متتالية في أعقاب الهبوط السريع للين الياباني وتدهور آفاق نمو الاقتصاد العالمي، إذ انخفضت قراءة مسح تانكان التصنيعي إلى 8 الشهر الماضي في الوقت الذي اشارت فيه التوقعات إلى وصول المؤشر إلى 11.

وكان أداء قطاع الخدمات أفضل بارتفاعه إلى 14 الشهر الماضي، حيث لم يكن من المتوقع حدوث أي تغيير نظراً لإعادة فتح البلاد أمام السياحة وما لذلك من أثر في تحسين معنويات القطاع.

وتسارعت وتيرة التضخم في طوكيو للشهر الرابع على التوالي إلى 2.8% على خلفية ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع، مما يزيد من حدة التحديات التي يواجهها بنك اليابان للتعبير عن رغبته لمواصلة السياسات التيسيرية الداعمة للتضخم.

وتعد بيانات طوكيو مؤشراً رئيسياً للتضخم على مستوى البلاد، وإذا كان معدلات النمو متشابهة بالنسبة للدولة بصفة عامة، فقد يصل معدل التضخم إلى 3% خلال الأشهر المقبلة.

من جهة أخرى، أشارت أحدث بيانات الأجور إلى أن نمو الرواتب ما يزال يفتقر إلى القوة اللازمة لدفع حاكم بنك اليابان هاروهيكو كورودا للتراجع عن سياساته، وانخفضت الأجور الحقيقية المعدلة وفقاً لمعيار التضخم بنسبة 1.7% في أغسطس مقارنة بالعام السابق.

وعلى الرغم من تخطي معدل التضخم المستوى المستهدف لبنك اليابان البالغ 2% على مدار أربعة أشهر متتالية وعدم اقتصاره على أسعار الطاقة فقط، فقد كرر المحافظ كورودا الحاجة إلى مواصلة سياسات التيسير النقدي نظراً لاعتقاده أن التضخم الحالي الذي يحرك زيادة التكاليف غير مستدام وأن نمو الأسعار سينخفض إلى أقل من 2% العام المقبل على خلفية نمو الأجور بوتيرة بطيئة.

مفاجأة الدولار الاسترالي
 

أدى قرار الاحتياطي الأسترالي بإبطاء وتيرة تشديد السياسات، إلى جانب عوامل الاقتصاد الكلي الأخرى التي دعمت الدولار الأمريكي إلى التأثير على الدولار الاسترالي الذي أنهى تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 0.6368.

وأطلق البنك المركزي الأسترالي مفاجأة تيسيرية برفعه لسعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط، منهياً سلسلة من الزيادات الضخمة بمقدار 50 نقطة أساس.

حيث رفع بنك الاحتياطي الأسترالي أسعار الفائدة بمقدار 2.25 نقطة مئوية منذ مايو من العام الحالي، ليستقر بذلك المعدل النقدي عند مستوى قياسي منخفض بلغ 0.1%.

وأكد الحاكم فيليب لوي الالتزام بسياسات التشديد النقدي حتى أثناء تصرفه بناءً على إشارات بأنه سيقوم بتنفيذ ذلك بوتيرة أبطأ.