الصين تحذر قطاع الطاقة الشمسية: لا مكان للتواطؤ والغش في سباق الأسعار
حثت هيئة تنظيم السوق في الصين شركات قطاع الطاقة الشمسية على إنهاء ممارسات التسعير غير العادلة، وعلى رأسها التواطؤ والاحتيال، محذّرة من أن “حروب الأسعار” الحادة التي يشهدها القطاع تؤدي إلى انكماش وتسابق غير صحي يضر بالاستثمار والجودة على حد سواء.
وقالت «إدارة الدولة لتنظيم السوق» إنها ستكثّف الرقابة على جودة المنتجات وعلى سلوك الشركات، متوعدة بالتصدي لأي أنشطة تخلّ بالمنافسة العادلة. وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود حكومية أوسع تهدف إلى استقرار الأسعار في صناعة الطاقة الشمسية، بعد مرحلة من الضغوط المتزايدة على المصنعين نتيجة فائض الإنتاج وتراجع الربحية.
وبحسب بيانات قدمها مسؤولون في القطاع، شهد الربع الثالث تحسناً طفيفاً في أداء الشركات، إذ تقلّصت الخسائر رغم بقاء الصناعة تحت ضغط كبير. فقد وصلت القدرة الإنتاجية لمستويات تكاد توازي ضعف الطلب العالمي وفق أرقام بداية عام 2025، ما جعل القطاع في قلب خطة بكين للحد من الإنتاج الزائد وإعادة هيكلته على أسس أكثر استدامة.
ووفق عرض قدّمه «وانغ بوهوا» — الرئيس الفخري لجمعية صناعة الألواح الضوئية الصينية — تراجعت خسائر القطاع بنسبة 46.7% على أساس فصلي، إلا أنها لا تزال تبلغ نحو 6.42 مليار يوان (قرابة 912 مليون دولار) خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر. وأشار وانغ إلى أن بناء طاقات إنتاجية جديدة تباطأ مقارنة بالعام الماضي، فيما أظهرت البيانات أن إنتاج الخلايا الشمسية والوحدات الجاهزة ارتفع بنسبة 9.8% و13.5% على التوالي، مقابل خفض إنتاج «البولي سيليكون» ورقائق السيليكون بنسبة 29.6% و6.7%.
ويرتبط هذا التحول بحزمة لوائح أُقرت خلال عام 2025، شملت قيوداً على استهلاك الطاقة في مصانع البولي سيليكون، الأمر الذي أجبر المصانع الأقل كفاءة على الخروج من السوق. وتقول الحكومة إن هذه السياسات تهدف إلى دفع القطاع نحو إنتاج عالي الجودة، وتقليل المخاطر البيئية والمالية.
ورغم مؤشرات التحسن، لا تزال الصورة المستقبلية غامضة. فبحسب المحلل «ياو ياو» من شركة «سينولينك للأوراق المالية»، قد يشهد الطلب المحلي على الطاقة الشمسية انخفاضاً ملحوظاً العام المقبل في أسوأ السيناريوهات. وتُقدّر التركيبات الجديدة هذا العام بنحو 285 غيغاواط — وهو رقم قياسي — على أن تتراوح بين 185 و275 غيغاواط في عام 2026، ما يعكس تباطؤاً محتملاً في وتيرة التوسع.
في المقابل، يبقى بعض قادة الصناعة متفائلين. إذ قال «تشونغ باوشن» رئيس شركة «لونجي» الرائدة إن الطلب في الصين “سيتجاوز بالتأكيد حاجز 300 غيغاواط خلال السنوات الخمس المقبلة”، مؤكداً أن الابتكار وخفض التكاليف وتحسين الكفاءة سيخلقون فرص نمو جديدة رغم التحديات التنظيمية والسوقية.
وبين تحذيرات الجهات الرقابية وتوقعات اللاعبين الكبار، تبدو صناعة الطاقة الشمسية الصينية مقبلة على مرحلة إعادة توازن حاسمة، تُراهن فيها الحكومة على ضبط الأسعار وتعزيز المنافسة العادلة للحفاظ على مكانة البلاد باعتبارها أكبر مُنتج ومُصدّر لمعدات الطاقة النظيفة في العالم.
