حلم امتلاك الشقة يتبخر أمام الشباب في مصر.. لماذا أصبحت العقارات لمن يدفع أكثر فقط؟
في ظل التحديات الاقتصادية المستمرة، يواجه الشباب المصري صعوبة متزايدة في تحقيق حلم الاستقرار السكني، ومع ارتفاع أسعار العقارات إلى مستويات قياسية، أصبح السوق يفضل الأثرياء والمستثمرين الأجانب، تاركاً الشرائح المتوسطة والشابة خارج الصورة.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الأسباب والتأثيرات، وواقع قطاع العقارات في مصر مع نهاية عام 2025.
أسباب الارتفاع الجنوني في أسعار العقارات في مصر 2025
وشهد سوق العقارات المصري ارتفاعاً غير مسبوق خلال عام 2025، حيث زادت الأسعار بنسبة تصل إلى 30-50% في مناطق متميزة مثل التجمع الخامس والشيخ زايد، مدفوعة بارتفاع تكاليف البناء والمواد الأولية.
كما ساهم استقرار سعر الصرف عند حوالي 47.5 جنيه للدولار في عدم تراجع الأسعار، رغم اختفاء السوق السوداء.
وفي المقابل، تجاوز سعر الشقة ذات الثلاث غرف في مناطق مثل فاهرة في السادس من أكتوبر والقاهرة الجديدة 10-20 مليون جنيه، بينما بلغت الوحدات في المشروعات الحكومية الفاخرة أكثر من 5 ملايين جنيه.
كما أن غياب بدائل الإيجار بأسعار معقولة دفع الطلب نحو الشراء، مما زاد من التضخم العقاري.
وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت تكلفة الأرض تمثل 50-60% من إجمالي التكلفة، مقارنة بـ30% سابقاً، وفقاً للخبراء.
تأثير الأزمة على الشباب المصري والقدرة الشرائية
ومع أن 60% من سكان مصر تحت سن الـ30، يجد هؤلاء الشباب أنفسهم غير قادرين على الشراء بسبب ارتفاع الأسعار مقابل دخول محدودة.
وأصبح حلم الشقة سراباً، خاصة مع تباطؤ المبيعات بنسبة تصل إلى 70% في سوق إعادة البيع، وانخفاض الأسعار فيه بنسبة 10%.
وفي القاهرة، تستمر أزمة السكن رغم البناء المكثف، حيث يركز المطورون على الوحدات الفاخرة للأجانب، مستفيدين من تيسيرات مثل منح الجنسية مقابل الشراء بالدولار.
وهذا الواقع يعمق الفجوة الاجتماعية، حيث أصبح السوق موجهاً لمن يدفع أكثر، بما في ذلك المستثمرين الأجانب.
كما أن الهجرة إلى العاصمة زادت الطلب، لكن دون زيادة موازية في الدخول، مما يجعل الشباب يعانون من ضغوط نفسية واقتصادية.
أنظمة التقسيط الطويلة حل مؤقت أم كابوس مالي؟
ولجأ المطورون إلى تمديد فترات السداد إلى 12-15 عاماً، مع مقدمات منخفضة تصل إلى 10-20%، لجذب العملاء في ظل الركود.
ومع ذلك، حذر رجل الأعمال نجيب ساويرس من أن هذه الأنظمة تحول 70% من السعر إلى فوائد، خاصة مع فوائد تصل إلى 25%.

كما أكد الخبير الاقتصادي هاني جنينة تباطؤ المبيعات العنيف، مشيراً إلى أن الفوائد المرتفعة تجعل التكلفة الفعلية وهمية.
ورغم ذلك، أدت خفض الفائدة من قبل البنك المركزي إلى دفعة محتملة للسوق، لكنها قد لا تكفي لإنعاش الطلب الحقيقي.
وقد تؤدي هذه الأنظمة إلى أزمات للشركات الصغيرة إذا استمر الركود.
آراء الخبراء والمطورين حول سوق العقارات المصري
ويؤكد الخبراء مثل أحمد جبر، رئيس شركة نايل ستون، أن الأسعار مرشحة للارتفاع بنسبة 15% في 2026 بسبب تكاليف البناء.
كما يرى عبد الله سلام، الرئيس التنفيذي لمدينة مصر، أن الزيادات ناتجة عن ارتفاع المواد والمحروقات، لا الجشع.
من جانبه، يحذر أسامة سعد الدين من استمرار الصعود في 2026، مشدداً على أن المطور مستثمر يتحمل المخاطر.
وعلى صعيد آخر، أشار وزير الإسكان إلى تباطؤ وتيرة الزيادات دون توقع انخفاض، معتمداً على بيانات تشير إلى ارتفاع 10% في 2025.
وهذه الآراء تعكس تماسك السوق رغم التحديات، مع تركيز على الاستدامة.ا
الوضع في المناطق الرئيسية
وفي القاهرة الجديدة، زادت الأسعار بنسبة 8-12%، مدفوعة بالطلب على الشقق الجاهزة والفلل.
أما في الساحل الشمالي ورأس الحكمة، فشهدت مشاريع فاخرة أسعاراً تصل إلى 9 ملايين جنيه للغرفة الواحدة، حتى الوحدات "الستوديو" الجديدة تتراوح بين 3-5 ملايين جنيه.
ورغم التباطؤ، يستمر التسويق عبر مكالمات يومية، لكن الطلب الحقيقي ضعيف.
توقعات المستقبل لسوق العقارات في مصر 2026
ويتوقع الخبراء نمواً مستمراً بنسبة 10-15% سنوياً، مع دمج التكنولوجيا والاستدامة، ومع ذلك، قد تؤدي الخصومات غير المسبوقة (تصل إلى 50%) إلى إعادة توازن السوق.
و لا توجد مؤشرات على فقاعة عقارية، بفضل النمو السكاني، لكن الحاجة إلى سياسات للإسكان الاقتصادي أمر حاسم.
وفي نهاية 2025، يظل حلم الشقة بعيداً عن الشباب، مع سيطرة المستثمرين الكبار، حيث يتطلب الأمر تدخلات حكومية لتوفير إسكان اقتصادي وهو ما تحاول فيه الدولة جاهدة، بالإضافة لضرورة تنويع الاستثمارات.
