الجمعة 12 ديسمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
أخبار

الصين تتجه نحو تقييم اقتصادي “باهت الأداء” وسط تراجع الطلب المحلي وتقلّص الاستثمارات

الجمعة 12/ديسمبر/2025 - 09:35 ص
بانكير

تسير الصين نحو مرحلة اقتصادية دقيقة مع اقتراب صدور البيانات الأساسية لشهر نوفمبر، والتي تشير التوقعات إلى أنها ستعكس حالة من الفتور في النشاط المحلي رغم الأداء القوي للصادرات خلال الأشهر الماضية. وتُظهر المؤشرات الأولية أن الطلب الداخلي لا يزال ضعيفاً، بل يميل إلى التراجع، بما يحدّ من قدرة الاقتصاد على تحقيق انتعاشة متوازنة في ظل الضبابية التي تحيط بالتجارة العالمية.

وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن مبيعات التجزئة ستسجل ارتفاعاً بنسبة 2.9% على أساس سنوي خلال نوفمبر، وهو المستوى ذاته الذي مثّل أضعف زيادة منذ أغسطس 2024. هذا التباطؤ في نمو الاستهلاك يرتبط بشكل رئيسي بتراجع مبيعات السيارات، إحدى أكبر فئات الإنفاق الاستهلاكي التي تُشكّل ما يقرب من 9% من إجمالي المبيعات. كما أسهم تغيير توقيت عروض "يوم العزاب" للتسوق الإلكتروني في انتقال جزء من الطلب إلى أكتوبر بدلاً من نوفمبر، وهو ما أدى إلى ضغوط إضافية على مبيعات الشهر.

وفي سياق متصل، تُظهر بيانات قطاع السيارات تراجعاً نادراً خلال موسم الذروة، حيث انخفضت المبيعات بالتجزئة بنحو 8% خلال الشهر الماضي، وتضاعف الانخفاض إلى 32% في الأسبوع الأول من ديسمبر مقارنة بالعام الماضي. ويرى محللون أن هذا الهبوط يرتبط بانحسار أثر الحوافز الحكومية التي كانت تشجع على شراء السلع المعمرة، وعلى رأسها السيارات، ضمن برنامج الاستبدال الذي استفادت منه نسبة كبيرة من المبيعات خلال العام.

أما على صعيد الاستثمار، فيتوقع خبراء الاقتصاد تراجع الاستثمار في الأصول الثابتة — بما يشمل المصانع والآلات والمشروعات العقارية — بنسبة 2.3% خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر، وهو مستوى يُعد من بين الأسوأ منذ بدء تسجيل هذه البيانات في عام 1998 باستثناء فترة جائحة كورونا. ويعود هذا التراجع بالأساس إلى الركود المستمر في سوق العقارات، الذي لا يزال يلقي بظلاله الثقيلة على الاقتصاد ككل، رغم محاولات الحكومة تقديم حوافز إنعاشية ما زال تأثيرها في مراحله الأولى.

كما يشير خبراء إلى أن بعض الانخفاض المسجّل في البيانات يعود إلى تصحيحات إحصائية أجراها مكتب الإحصاء الوطني بعد تقارير مبالغ فيها في وقت سابق، إضافة إلى أثر حملة حكومية تستهدف مكافحة "التنافس المُرهق" في بعض القطاعات الصناعية، للحدّ من فائض الطاقة الإنتاجية والمنافسة غير المتوازنة.

وفي المقابل، يُتوقع أن يسجل الإنتاج الصناعي ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 5% على أساس سنوي، مقارنة بـ4.9% في أكتوبر، مستفيداً من تعافي الصادرات التي شكّلت نقطة مضيئة وسط المشهد الاقتصادي القاتم. إلا أن معظم المحللين يرون أن هذا الدعم الخارجي لن يكون كافياً للحفاظ على زخم النمو، خصوصاً في ظل توقعات بتباطؤ الصادرات خلال 2026 نتيجة تصاعد التوترات التجارية مع عدة أسواق حول العالم.

ويُجمع خبراء الاقتصاد على أن الصين باتت تعتمد بشكل متزايد على الطلب الخارجي لتعويض ضعف الاستهلاك المحلي، وهو مسار يحمل مخاطر مرتفعة في ظل التوترات التجارية والتقلبات الجيوسياسية. وقد شدّد القادة الصينيون خلال الاجتماعات الاقتصادية الأخيرة على أن تعزيز الطلب المحلي سيكون أولوية قصوى خلال العام الجديد، مؤكدين استمرار السياسات الداعمة للنمو، وإن كانت الإجراءات الكبرى لا تزال غير واضحة حتى الآن.

ويبدو أن المسار الاقتصادي للصين في الفترة المقبلة سيعتمد على قدرة الحكومة في إحياء ثقة المستهلك، وإنعاش سوق العقارات، وضبط فائض الإنتاج الصناعي، مع مواجهة تحديات دولية تزداد تعقيداً. وبينما تبقى البيانات الرسمية المرتقبة حاسمة، فإن الاتجاه العام يشير إلى أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم مقبل على مرحلة من النمو البطيء تتطلب حلولاً أكثر عمقاً وتوازناً.