الأربعاء 10 ديسمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
عقارات

الشقق الفندقية… هل ستساعد مصر على مضاعفة الطاقة الفندقية بحلول 2030؟

الأربعاء 10/ديسمبر/2025 - 12:45 ص
الشقق الفندقية
الشقق الفندقية

 

يشهد القطاع السياحي المصري تغيرًا غير مسبوق فى شكل المنتج الفندقى، فلم يعد الطريق الوحيد لزيادة الطاقة الفندقية، هو بناء الفنادق التقليدية التى تستغرق السنوات فى الانشاء والتجهيزات بل ظهر اتجاه متسارع نحو تحويل الوحدات السكنية المغلقة داخل المجتمعات العمرانية الجديدة والساحلية إلى شقق فندقية، وهو ما يفتح الباب أمام ضخ غرف سياحية مجهزة للقطاع السياحي فى أقصر وقت لاستيعاب الوفود لتتناسب مع مختلف الفئات السياحية .

 قيمة هذا التحول تكمن فى أنه يتعامل مع سوق مصرى يمتلك مخزونًا هائلًا من العقارات الخالية أغلب شهور العام، خصوصًا فى الساحل الشمالى، العاصمة الإدارية، القاهرة الجديدة، غرب القاهرة ومناطق البحر الأحمر، وكلها أصبحت أراضٍ خصبة لمنتج فندقى مرن وقابل للتشغيل الفورى.

بالأرقام وضح د.ياسر عاصم الاستشاري الهندسي والخبير العقارى حجم الفجوة : ففى عام 2011 كانت مصر تمتلك طاقة فندقية إجمالية تتراوح بين 215 و225 ألف غرفة، توزعت بنسبة كبيرة على شرم الشيخ وجنوب سيناء (نحو 65–70 ألف غرفة) والغردقة – مرسى علم والبحر الأحمر (نحو 60–65 ألف غرفة)، بينما استحوذت القاهرة الكبرى على 31–32 ألف غرفة فقط، والإسكندرية والساحل الشمالى لم يتجاوزا وقتها 10 آلاف غرفة، وبلغت طاقة الأقصر وأسوان حوالى 8–9 آلاف غرفة بفنادق ثابتة، مع اعتماد كبير على الفنادق العائمة فى رحلات النيل. هذه الخريطة أبرزت أن حوالى 60% من طاقة مصر الفندقية كانت مركزة فقط فى شرم والغردقة، وهو ما جعل الاقتصاد السياحى حساسًا بشدة للأزمات فى هاتين المنطقتين.

وبمرور الزمن شهد القطاع تعافيًا وعودة للتشغيل مع توسعات جديدة، ليصل إجمالى عدد الغرف الفندقية اليوم (2024/2025) إلى 220–230 ألف غرفة، وهو ما يعنى أننا عدنا تقريبًا إلى نفس مستوى الطاقة قبل 2011 من حيث العدد، لكن مع اختلافات هيكلية مهمة، منها تحسين مستويات الخدمة، عودة التشغيل، ودخول وحدات إقامة فندقية جديدة داخل مشروعات سكنية وساحلية، كما حدث فى بعض مناطق البحر الأحمر والساحل الشمالى والقاهرة الجديدة. اليوم يمكن تقدير توزيع الطاقة الفندقية الحالية كالتالى: 75–80 ألف غرفة فى شرم الشيخ وجنوب سيناء، 70–75 ألف غرفة فى الغردقة–مرسى علم والبحر الأحمر، نحو 32–35 ألف غرفة بالقاهرة والجيزة، 12–15 ألفًا بمنطقة الإسكندرية والساحل الشمالى، وحوالى 9–10 آلاف غرفة بالأقصر وأسوان.

لافتا أن هذا الرقم الكلى ما زال يحتاج إلى قفزة كبيرة حتى يواكب مستهدف 30 مليون سائح قبل 2030؛ فالتحليلات الحكومية تشير إلى ضرورة إضافة 240–250 ألف مفتاح فندقى جديد خلال السنوات الخمس أو الست القادمة، أى ما يقرب من مضاعفة الطاقة الحالية. بناء هذا العدد عبر فنادق تقليدية فقط قد يستغرق وقتًا أطول وكلفة أعلى، بينما المنتج الجديد للشقق الفندقية يتيح إضافة غرف تشغيلية بأسرع مما يسمح به الإنشاء التقليدى، خصوصًا عند تحويل مبانٍ قائمة أو كومباوندات كاملة إلى نشاط فندقى مرخّص.

الدولة أدركت هذه الفرصة وبدأت فى تهيئة الإطار التنظيمى والتشريعى الذى يسمح بذلك. فقد أصبح ترخيص الشقق الفندقية قانونيًا وواضحًا وفق قانون المنشآت الفندقية والسياحية، مع استحداث فئات Holiday Homes وHoliday Apartments بشروط أسهل ورسوم منخفضة للغاية، وهو ما يسهل تحويل وحدات أو مبانٍ كاملة إلى نشاط فندقى مرخص يخضع لإدارة فندقية معتمدة، وتفتيش دورى يضمن الجودة والالتزام بالسلامة والصيانة.

 كما قدمت الحكومة حوافز للمشروعات الفندقية الجديدة أو المحولة من نشاط آخر، بما فى ذلك تسهيلات فى التراخيص وتخفيف جزء من رسوم تغيير الاستخدام بشرط الالتزام بالتشغيل الفندقى وعدم المضاربة فى الأصل قبل بدء التشغيل.

بالتوازى، دعّم البنك المركزى القطاع السياحى بمحفظة تمويل تجاوزت 50 مليار جنيه بفوائد مدعّمة وآجال سداد طويلة لإنشاء وتطوير المنشآت الفندقية، وتمتد هذه المبادرات لتشمل المشروعات المرخصة كشقق فندقية أو Holiday Homes متى استوفت المعايير التشغيلية، وهو ما يجعل التحويل الفندقى اليوم مشروعًا قابلًا للتنفيذ تجاريًا وتمويليًا، وليس مجرد توجه نظرى.

عمليًا، إذا استطاع قطاع الفنادق التقليدية إضافة 15–20 ألف غرفة سنويًا فى المتوسط، ونجح التحويل الفندقى فى توفير 70–90 ألف مفتاح إضافى خلال 5–6 سنوات من خلال إعادة تشغيل مبانٍ قائمة، فقد تصل مصر إلى نطاق 400–450 ألف غرفة فندقية قبل 2030، أى ما يقرب من الضعف مقارنة بالطاقة الحالية، وهو إنجاز غير مسبوق فى تاريخ القطاع السياحى المصرى إذا تحقق وفق هذا النسق.

ليس المقصود أن الشقق الفندقية ستحل محل الفنادق المتكاملة، بل إنها أصبحت المكمّل الأكثر ذكاءً، لأنها تستغل مخزونًا عقاريًا غير مستخدم، وتوفر منتجًا مناسبًا للعائلات، والمؤتمرات، وسياحة الأعمال، والإقامات الطويلة، دون الحاجة إلى استثمارات إنشائية ضخمة أو مدد تنفيذ طويلة. وفى ظل المستهدف القومى لزيادة عدد السائحين، تصبح الشقق الفندقية عنصرًا عمليًا وواقعيًا فى معادلة مضاعفة الطاقة الفندقية، خصوصًا داخل القاهرة الكبرى، الساحل الشمالى، ومنطقة البحر الأحمر التى تتلقى حاليًا أعلى معدلات الإشغال السياحى فى مصر.

وأكد ان تحويل السكن إلى نشاط فندقى لم يعد فكرة جانبية، بل جزء من منظومة اقتصادية وسياحية شاملة توفر سرعة فى التنفيذ، وتنوعًا فى المنتج، وعائدًا سياحيًا جديدًا، مع دعم حكومى وتشريعى ومالى يخلق لأول مرة بيئة مواتية لهذا النمو. 

وإذا استمرت تلك المنظومة بنفس الوتيرة، فقد تكون السنوات القادمة أهم مرحلة لإعادة تشكيل الخريطة الفندقية فى مصر، ليس فقط بعدد الغرف، بل بنوعية الإقامة، ومدد الاستخدام، وتنوع السائح، وقدرة الدولة على الوصول إلى مستهدف 30 مليون سائح قبل نهاية العقد.