استقرار أسعار الذهب مع ترقّب الأسواق لقرار الفائدة الأمريكية ونبرة الفيدرالي
تشهد أسواق المعادن النفيسة حالة من الهدوء الحذر خلال تعاملات الثلاثاء، مع تمركز المستثمرين قبيل انطلاق اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الممتد ليومين، والذي يترقبه المتعاملون على نطاق واسع وسط توقعات قوية باتخاذ البنك المركزي خطوة خفض الفائدة للمرة الأولى منذ أشهر، لكن بنبرة تُوصف بأنها «خفض متشدد»، أي خفض مصحوب برسائل غير توسعية للعام المقبل.
وبحسب بيانات منصات التداول العالمية، استقرّ الذهب الفوري عند مستوى 4189.17 دولار للأوقية بحلول الساعة 04:44 صباحاً بتوقيت غرينتش، متماشياً مع وتيرة الهدوء التي سيطرت على تعاملات الجلسة الآسيوية. كما ظلت عقود الذهب الأمريكية لشهر ديسمبر مستقرة دون تغيير عند 4218.50 دولار للأوقية، وسط ميل المستثمرين لعدم اتخاذ مراكز جديدة قبل صدور الإشارة الرسمية من الفيدرالي.
ترقب حذر يسيطر على الأسواق
ويؤكد كبير محللي الأسواق في «أواندا»، كيلفن وونغ، أن المستثمرين يعيدون ترتيب مراكزهم الاستثمارية استناداً إلى التصريحات الأخيرة لرئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول، والتي حملت — بحسب وصفه — ملامح «خفض متشدد»، ما دفع متعاملي سوق السندات الأمريكية إلى تعديل توقعاتهم بشأن مسار التيسير النقدي في 2026.
وتتداول عوائد السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات قرب أعلى مستوى لها في شهرين ونصف، وهو ما يعكس اعتقاداً سائداً لدى المستثمرين بأن البنك المركزي قد يبقي شروط السيولة النقدية مشددة نسبياً، حتى مع تنفيذ خفض الفائدة المتوقع لاحقاً هذا الأسبوع.
وتُظهر بيانات «فيدووتش» التابعة لمجموعة بورصة شيكاغو ارتفاع احتمالات تنفيذ خفض بمقدار 25 نقطة أساس هذا الأسبوع إلى نحو 89%، وهو ما يعني أن الأسواق قامت فعلياً بتسعير القرار قبل صدوره، مع بقاء الاهتمام منصبّاً على الخطاب المصاحب للقرار والتوقعات الاقتصادية للفيدرالي للسنوات المقبلة.
بيانات اقتصادية متباينة تضغط على المشهد
يأتي هذا المشهد وسط صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية المختلطة في الولايات المتحدة، إذ جاء مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي — وهو المؤشر المفضل لدى الفيدرالي — متوافقاً مع التوقعات، فيما أظهر قطاع المستهلكين تحسناً لافتاً خلال ديسمبر. ورغم تسجيل القطاع الخاص تراجعاً كبيراً في الوظائف هو الأكبر منذ عامين ونصف خلال نوفمبر، فإن طلبات إعانة البطالة انخفضت لأدنى مستوياتها في ثلاثة أعوام، ما يعكس استمرار متانة سوق العمل.
وتدعم معدلات الفائدة المنخفضة عادةً الأصول غير المدرة للعائد مثل الذهب، مما يعزز جاذبية المعدن الأصفر في حال ألمح الفيدرالي إلى مسار تيسيري متوسط الأجل، رغم توقعات العديد من المحللين بأن البنك سيتعامل بحذر مع مسار الخفض في 2026.
تحركات المعادن النفيسة الأخرى
وفي بقية المعادن، ارتفعت الفضة بنسبة 0.2% إلى 58.24 دولار للأوقية، مقتربة من أعلى مستوى تاريخي بلغ 59.32 دولار يوم الجمعة الماضي. وأوضح وونغ أن الفضة أصبحت «أداة عالية الحساسية» للتحركات الاقتصادية مقارنة بالذهب، نتيجة انخفاض المخزونات وقوة الطلب الصناعي إلى جانب توقعات خفض الفائدة.
كما سجّل البلاتين ارتفاعاً بنسبة 0.4% ليصل إلى 1649.10 دولار، فيما ارتفع البلاديوم 0.7% إلى 1475.38 دولار، في ظل حالة من الترقب التي تسيطر على مختلف أسواق المعادن قبيل قرار الفيدرالي المنتظر.
