إدارة ترامب تتحرك لخفض أسعار الغذاء عبر إلغاء الرسوم الجمركية الزراعية
في خطوة تعكس تصاعد الضغوط الاقتصادية والسياسية على الإدارة الأمريكية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلغاء الرسوم الجمركية التبادلية المفروضة على مجموعة من الواردات الزراعية الأساسية، تشمل السلع الغذائية واللحوم، وذلك في محاولة مباشرة لاحتواء الارتفاع المستمر في أسعار الغذاء وتخفيف الأعباء عن المستهلكين، وسط انتقادات متزايدة لحصيلة سياساته الاقتصادية خلال الأشهر الأخيرة.
وتأتي هذه الخطوة بعد أسابيع من الجدل المتصاعد حول معدلات التضخم التي عادت للارتفاع مجددًا، رغم وعود الإدارة بالسيطرة على تكاليف المعيشة عبر برامج دعم وتخفيضات ضريبية أثارت انقسامًا داخل الكونغرس. وتشير تقديرات المؤسسات الاقتصادية الأمريكية إلى أن أسعار اللحوم والدواجن ومنتجات الألبان سجلت زيادات ملحوظة تجاوز بعضها 12% مقارنة بالعام السابق، وهو ما انعكس مباشرة على استطلاعات الرأي التي أظهرت تراجع ثقة الناخبين في قدرة الإدارة على إدارة الملف الاقتصادي.
وأكد مسؤولون في البيت الأبيض أن إلغاء الرسوم الجمركية يهدف إلى تعزيز تدفق الواردات الزراعية، وزيادة المعروض في الأسواق المحلية، بما يساهم في خفض الأسعار وكبح موجة التضخم الغذائي التي تضغط بقوة على الطبقات المتوسطة والمنخفضة الدخل. وأشاروا إلى أن القرار يشمل منتجات تُعد أساسية في السلة الغذائية للمواطن الأمريكي، بما في ذلك لحوم الأبقار والدواجن وبعض أنواع الفواكه والخضراوات.
ورغم الترحيب الأولي من جانب عدد من اتحادات التجزئة والمستوردين، أعربت منظمات المزارعين الأمريكيين عن مخاوفهم من أن يؤدي القرار إلى إضعاف القدرة التنافسية للمنتج المحلي وزيادة الاعتماد على الواردات، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج داخل الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين. وطالبوا الإدارة بطرح حزمة دعم موازية للمزارعين لضمان عدم تضررهم من هذا التحول التجاري المفاجئ.
وفي المقابل، اعتبر اقتصاديون أن الخطوة تشكل "رهانًا سياسيًا" من جانب ترامب، يستهدف تحسين صورته أمام الناخبين قبيل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، لاسيما مع استمرار التراجع في مؤشرات الرضا الشعبي عن الأداء الاقتصادي. وأشاروا إلى أن تأثير إلغاء الرسوم قد يستغرق عدة أسابيع ليظهر بشكل ملموس في الأسواق، وأنه قد يواجه تحديات في حال بقاء تكاليف النقل والطاقة عند مستويات مرتفعة.
كما حذر خبراء من أن الإجراءات أحادية الجانب قد تؤدي إلى توتر العلاقات التجارية مع بعض الشركاء، خصوصًا الدول التي فرضت رسومًا مماثلة ردًا على السياسات الجمركية السابقة لواشنطن. ومع ذلك، رجحت مصادر حكومية أن تسعى إدارة ترامب إلى فتح قنوات تفاوض جديدة لاحتواء أي ردود فعل محتملة، معتبرة أن أولوية البيت الأبيض في المرحلة الحالية تتمثل في السيطرة على أسعار الغذاء واستعادة ثقة المستهلك الأمريكي.
وبينما تستعد الأسواق الأمريكية لموسم الأعياد الذي يشهد عادة زيادة كبيرة في الطلب على السلع الغذائية، يُنظر إلى القرار بوصفه اختبارًا مهمًا لمدى قدرة الإدارة على إدارة ملف الأسعار وتخفيف الضغوط عن الأسر، في ظل مؤشرات اقتصادية متضاربة وتحديات سياسية متنامية.
