وزير الخزانة الأمريكي: الصين ارتكبت "خطأ فادحًا" بفرض قيود على صادرات المعادن النادرة
وصف وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت قرار الصين بفرض قيود على صادرات المعادن النادرة بأنه "خطأ استراتيجي جسيم"، معتبرًا أن الخطوة كشفت للعالم اعتماد بكين على هذه المواد الحيوية كأداة ضغط جيوسياسي، وأثارت مخاوف واسعة بشأن أمن سلاسل التوريد العالمية.
وفي مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز نُشرت اليوم السبت، قال بيسنت إن "الصين نبهت الجميع إلى الخطر الكامن وراء احتكارها للمعادن النادرة"، مضيفًا أن "من الخطأ أن تستخدم دولة هذه الموارد كسلاح اقتصادي، لأنها بذلك تفقد الثقة وتدفع الآخرين إلى البحث عن بدائل".
قيود أثارت قلق الأسواق العالمية
كانت بكين قد أعلنت في أكتوبر 2025 عن قيود جديدة على صادرات التقنيات والمواد المرتبطة بالمعادن النادرة، وهي عناصر أساسية تدخل في تصنيع معدات الدفاع، والسيارات الكهربائية، والرقائق الإلكترونية، والأجهزة الاستهلاكية المتطورة.
وأدى القرار إلى اهتزاز الأسواق العالمية وارتفاع أسعار المعادن النادرة بنسب تجاوزت 15% خلال أيام، وسط مخاوف من اضطراب الإمدادات في الصناعات المتقدمة التي تعتمد بشكل كبير على هذه المواد.
اتفاق مرتقب وتراجع صيني جزئي
وأوضح بيسنت أن هذه الخطوة شكلت نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات التجارية الجارية بين واشنطن وبكين، مؤكدًا أن الجانب الأمريكي تعامل معها "بصرامة مدروسة"، مشيرًا إلى أن الصين أعلنت لاحقًا تعليق بعض قيود التصدير لمدة عام واحد بعد اللقاء الذي جمع الرئيسين شي جين بينغ ودونالد ترامب على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) في كوريا الجنوبية هذا الأسبوع.
وقال بيسنت: «من الجيد أنهم تراجعوا جزئيًا، لكن الضرر وقع بالفعل؛ لقد أظهروا للعالم كيف يمكن أن تتحول سلاسل التوريد إلى رهينة للقرارات السياسية».
رد أمريكي وتحركات مضادة
وأكد وزير الخزانة أن الولايات المتحدة تمتلك "إجراءات مضادة" لمنع تكرار مثل هذه الخطوات، دون الإفصاح عن تفاصيلها، مشيرًا إلى أن واشنطن تعمل بالتنسيق مع حلفائها في اليابان، وأستراليا، وكندا لتطوير سلاسل توريد بديلة للمعادن النادرة.
وأضاف بيسنت: «لقد اتخذت الصين خطوة خطيرة، لكنها لن تتمكن من تكرارها بسهولة، لأننا بصدد بناء شبكة دولية متكاملة لتأمين الموارد الإستراتيجية».
ردود فعل وتحليلات اقتصادية
ويرى خبراء اقتصاديون أن تصريحات بيسنت تمثل تصعيدًا دبلوماسيًا محسوبًا في إطار المنافسة الجيوسياسية بين واشنطن وبكين، مؤكدين أن الصين استخدمت تاريخيًا نفوذها في سوق المعادن النادرة كورقة ضغط، لكنها تواجه الآن تحديات متزايدة مع توسع الاستثمارات الأمريكية واليابانية في التنقيب والإنتاج خارج الأراضي الصينية.
وتُعد الصين المورد الرئيسي لأكثر من 70% من المعادن النادرة عالميًا، ما يمنحها تأثيرًا كبيرًا على الصناعات التقنية والعسكرية المتقدمة. إلا أن القيود الأخيرة – بحسب محللين – قد تسّرع من جهود الغرب لتقليل الاعتماد على الإمدادات الصينية خلال السنوات المقبلة.
خلفية: اتفاق أمريكي–ياباني للحد من النفوذ الصيني
وكانت الولايات المتحدة واليابان قد وقعتا مؤخرًا اتفاقًا تاريخيًا لتأمين إمدادات المعادن النادرة وتطوير مصادر جديدة في آسيا وأفريقيا، بهدف كسر "قبضة الصين" على هذا السوق الحيوي.
ويرى مراقبون أن تراجع بكين عن بعض القيود يشير إلى قلقها من ردود الفعل الدولية، خاصة مع تزايد المخاوف من فقدان الثقة في قدراتها التجارية وسط بيئة اقتصادية عالمية متقلبة.
