الذهب يواصل مكاسبه القياسية وسط تصاعد التوترات بين الصين وأمريكا

سجلت أسعار الذهب مستوى قياسياً جديداً اليوم الخميس، مواصلةً صعودها للجلسة الخامسة على التوالي، مع ازدياد إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، إلى جانب استمرار الإغلاق الجزئي للحكومة الفيدرالية الأمريكية وتزايد التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وارتفع الذهب الفوري بنسبة 0.8% ليبلغ ذروة تاريخية عند 4,241.77 دولاراً للأونصة بحلول الساعة 03:11 بتوقيت غرينتش، فيما صعدت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة تسليم ديسمبر بنسبة 1.2% لتصل إلى 4,253.70 دولاراً للأونصة، مسجلة أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وجاء هذا الارتفاع الكبير في أسعار المعدن النفيس بعدما وصف مسؤولون أمريكيون قرار الصين بتوسيع قيود تصدير المعادن النادرة بأنه “تهديد مباشر لسلاسل الإمداد العالمية”، مع التلويح باتخاذ إجراءات انتقامية، وذلك عقب فرض البلدين رسوماً جمركية متبادلة على سفن النقل يوم الثلاثاء.
وقال كايل رودا، كبير المحللين في شركة «أواندا»، إن “التصريحات الأخيرة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي التي ركزت على احتمالات خفض الفائدة كانت بمثابة حافز قوي لأسعار الذهب، كما أن وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للوضع الحالي بأنه حرب تجارية حقيقية أضاف دعماً إضافياً للمعدن النفيس”.
وفي سياق متصل، أكد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسينت أن واشنطن تدرس فرض قيود إضافية على الصادرات إذا واصلت بكين سياساتها التجارية العدائية، مشيراً إلى أن بلاده قد تتخذ إجراءات مشتركة مع الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جديدة على الصين بسبب مشترياتها من النفط الروسي.
وقدّر مسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية أن الإغلاق الحكومي الفيدرالي المستمر منذ أسبوعين يُكلّف الاقتصاد الأمريكي نحو 15 مليار دولار أسبوعياً من الناتج المفقود، وهو ما زاد من مخاوف الأسواق بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي في الربع الأخير من العام.
ويتوقع المستثمرون أن يُقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض مؤكد للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه هذا الشهر، يليه خفض آخر محتمل في ديسمبر المقبل، في محاولة لاحتواء تباطؤ النشاط الاقتصادي وتخفيف آثار الأزمة السياسية والمالية الداخلية.
ووفقاً لتقديرات محللي بنك «إيه إن زد»، فقد ارتفع الذهب 61% منذ بداية العام، مستفيداً من مزيج من العوامل تشمل تصاعد المخاطر الجيوسياسية، وتزايد رهانات خفض الفائدة، ومشتريات البنوك المركزية التي تسعى لتنويع احتياطياتها بعيداً عن الدولار الأمريكي، إضافة إلى التدفقات القوية إلى صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب.
وتوقّع البنك أن تصل أسعار الذهب إلى 4,400 دولار للأونصة بنهاية عام 2025 إذا استمرت التوترات الجيوسياسية والمخاطر المالية العالمية على نفس الوتيرة.
كما ارتفعت حيازات صندوق "إس بي دي آر غولد تراست" – أكبر صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب في العالم – إلى 1,022.60 طن يوم الأربعاء، وهو أعلى مستوى لها منذ يوليو 2022، ما يعكس ثقة المستثمرين في استمرار الزخم الصعودي للمعدن الأصفر.
وفي المعادن النفيسة الأخرى، صعدت الفضة الفورية بنسبة 0.2% إلى 53.17 دولاراً للأونصة بعد أن سجلت مستوى قياسياً عند 53.60 دولاراً في وقت سابق من الأسبوع، بدعم من ارتفاع الذهب وتغطية المراكز القصيرة. كما ارتفع البلاتين بنسبة 0.7% إلى 1,671.65 دولاراً، والبلاديوم بنسبة 0.8% إلى 1,548.75 دولاراً.
ويرى محللون أن استمرار ارتفاع الذهب يعكس مزيجاً نادراً من العوامل الدافعة: من الضبابية الجيوسياسية وتراجع الثقة في الدولار، إلى تباطؤ النمو الأمريكي وازدياد توقعات خفض الفائدة، ما يجعل المعدن الأصفر الوجهة الأبرز للمستثمرين الباحثين عن الأمان في بيئة مالية مضطربة.