هبوط حاد في أسعار النفط العالمية بسبب فائض المعروض وتباطؤ التصنيع الأمريكي

شهدت أسواق النفط العالمية أكبر تراجع أسبوعي منذ أكثر من ثلاثة أشهر، بعدما انخفضت الأسعار بنحو 8% خلال تعاملات الأسبوع المنقضي، متأثرة بتوقعات زيادة الإنتاج من جانب تحالف "أوبك+"، إلى جانب بيانات أمريكية كشفت عن ارتفاع المخزونات وتباطؤ نشاط التكرير، ما أثار مخاوف بشأن وفرة المعروض وتراجع الطلب في آنٍ واحد.
ووفقًا لتقارير اقتصادية أمريكية، أنهت عقود خام برنت الأسبوع عند نحو 78 دولارًا للبرميل، منخفضة بأكثر من 6 دولارات عن إغلاق الأسبوع السابق، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 74 دولارًا للبرميل تقريبًا، في أداء وصفه محللون بأنه "الأسوأ منذ يوليو الماضي".
وأرجع محللون هذا الهبوط الحاد إلى مزيج من العوامل الأساسية، أبرزها تقارير تفيد بأن بعض أعضاء تحالف "أوبك+" يدرسون زيادة تدريجية في الإنتاج خلال الربع الأخير من العام، استجابة للضغوط من كبار المستهلكين الذين يسعون إلى كبح ارتفاع الأسعار وضمان استقرار الإمدادات العالمية.
في المقابل، أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ارتفاع المخزونات التجارية من النفط الخام بأكثر من 3.5 مليون برميل خلال الأسبوع الأخير، في حين تراجع معدل تشغيل المصافي إلى أدنى مستوى له منذ مايو الماضي، ما يشير إلى تباطؤ الطلب المحلي على الخام ومشتقاته.
كما ساهمت بيانات اقتصادية أمريكية أخرى، أظهرت تباطؤ نمو قطاع التصنيع وتراجع الطلب على الطاقة الصناعية، في زيادة الضغط على الأسعار، خاصة مع ارتفاع الدولار الأمريكي لأعلى مستوياته في عدة أسابيع، وهو ما يجعل النفط أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى.
وأشار خبراء إلى أن الأسواق تترقب الاجتماع المقبل لتحالف "أوبك+" والمقرر عقده في منتصف أكتوبر الجاري، لتقييم تطورات السوق ومناقشة مستويات الإنتاج للفترة المقبلة، وسط تباين التوقعات بين من يرى ضرورة الإبقاء على القيود الحالية لدعم الأسعار، ومن يدعو إلى زيادات محدودة لتفادي فقدان الحصة السوقية لصالح المنتجين المستقلين.
من جانبها، أكدت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري الأخير أن المعروض النفطي العالمي قد يتجاوز الطلب خلال الربع الرابع من العام إذا استمرت وتيرة الإنتاج الحالية، مشيرة إلى أن ضعف النمو في الاقتصادات الآسيوية وتراجع الطلب الأوروبي يهددان بتكوين فائض جديد في السوق.
ويرى محللون أن الانخفاض الحاد في الأسعار قد يعيد بعض التوازن المؤقت للأسواق، لكنه في الوقت نفسه يسلط الضوء على هشاشة التعافي في الطلب العالمي على الطاقة، خاصة في ظل المخاوف المستمرة من تباطؤ الاقتصاد الصيني، وارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية التي تحد من الأنشطة الصناعية والاستهلاكية.
وفي الأسواق الآجلة، تراجعت عقود البنزين والديزل في الولايات المتحدة بنحو 5%، وسط توقعات بانخفاض الطلب الموسمي مع نهاية موسم القيادة الصيفي، فيما استقرت أسعار الغاز الطبيعي نسبيًا مدعومة بتوقعات بزيادة الاستهلاك في فصل الشتاء.
ويؤكد خبراء الطاقة أن استمرار التقلبات في سوق النفط خلال الأسابيع المقبلة سيعتمد على مخرجات اجتماع "أوبك+" وعلى مسار السياسة النقدية الأمريكية، لا سيما في حال اتخاذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي قرارات جديدة بشأن أسعار الفائدة قد تؤثر على حركة الدولار وبالتالي على أسعار السلع العالمية.