ميتا وتيك توك تنتصران على الاتحاد الأوروبي في معركة الرسوم الرقمية

شهدت أروقة القضاء الأوروبي تطورًا مهمًا في معركة تنظيمية كبرى بين عمالقة التكنولوجيا والاتحاد الأوروبي، حيث انتصرت شركتا ميتا بلاتفورمز (المالكة لفيسبوك وإنستجرام) وتيك توك التابعة لشركة "بايت دانس"، في دعواهما ضد المفوضية الأوروبية بشأن الرسوم الإشرافية المفروضة بموجب قانون الخدمات الرقمية (DSA).
أصدرت المحكمة العامة الأوروبية في لوكسمبورج حكمًا ينص على أن المفوضية ارتكبت خطأ في المنهجية التي اعتمدتها لاحتساب الرسوم الإشرافية على المنصات الكبرى. وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض على ميتا وتيك توك رسومًا بنسبة 0.05% من صافي الدخل العالمي السنوي لكل منهما، بهدف تغطية تكاليف متابعة التزامهما بالقواعد الجديدة التي تهدف إلى مكافحة المحتوى غير القانوني والضار على الإنترنت.
إلا أن الشركتين طعنتا في القرار، معتبرتين أن المفوضية اعتمدت أساسًا قانونيًا غير سليم، وأن المنهجية المطبقة أدت إلى رسوم غير متناسبة.
أكدت المحكمة أن المفوضية كان يجب أن تعتمد منهجيتها عبر "عمل تفويضي" وفقًا للقواعد المنصوص عليها في قانون الخدمات الرقمية، بدلًا من استخدام قرارات تنفيذية. ورغم أن المحكمة لم تُلزم المفوضية برد الرسوم المدفوعة عن عام 2023، إلا أنها منحتها مهلة 12 شهرًا لإصلاح آلية الاحتساب بما يتماشى مع القواعد القانونية.
يدخل الحكم ضمن سياق أوسع من الصراع بين الاتحاد الأوروبي وشركات التكنولوجيا الكبرى. إذ يلزم قانون الخدمات الرقمية، الذي دخل حيز التنفيذ في نوفمبر 2022، المنصات الإلكترونية العملاقة باتخاذ إجراءات صارمة ضد نشر المحتوى غير القانوني، مع فرض غرامات تصل إلى 6% من الإيرادات العالمية السنوية في حال عدم الامتثال.
يُعتبر الحكم انتصارًا استراتيجيًا لشركات التكنولوجيا، حيث يخفف مؤقتًا من الضغوط المالية والتنظيمية المفروضة عليها في السوق الأوروبية، لكنه في الوقت نفسه يسلط الضوء على استمرار التوتر القانوني والتنظيمي بين الاتحاد الأوروبي والمنصات العملاقة.
ويرى خبراء أن قرار المحكمة قد يدفع المفوضية إلى إعادة صياغة آليات الرقابة والتمويل المرتبطة بتطبيق قانون الخدمات الرقمية، بشكل قد يجعل النظام أكثر صلابة قانونيًا وأقل عرضة للطعن.
من جانب آخر، قد يشجع الحكم شركات تكنولوجيا أخرى على اتخاذ مسارات قانونية مشابهة للطعن في القرارات التنظيمية التي تراها مجحفة أو غير متناسبة.
الحكم الأوروبي لا يلغي مبدأ فرض الرسوم على الشركات الرقمية الكبرى، لكنه يعيد ترتيب أوراق اللعبة التنظيمية في القارة، ويؤكد أن التوازن بين حماية المستهلكين وضمان عدالة المنافسة مع الحفاظ على حقوق الشركات لا يزال معركة مفتوحة على جميع المستويات القانونية والاقتصادية.