مصنعو السيارات يعارضون التزام الاتحاد الأوروبي بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050

أبدى عدد من كبار مصنعي السيارات في أوروبا معارضة متزايدة للالتزام الذي أعلنه الاتحاد الأوروبي بتحقيق الحياد الكربوني الكامل بحلول عام 2050، مؤكدين أن السياسات المناخية الطموحة قد تضر بالقدرة التنافسية للقطاع في مواجهة الأسواق العالمية، خاصة في ظل المنافسة المتسارعة من الصين والولايات المتحدة.
مخاوف القطاع الصناعي
وذكرت شبكة "يورونيوز" الإخبارية، اليوم الأربعاء، أن قادة صناعة السيارات يرون أن القواعد الأوروبية الخاصة بخفض الانبعاثات تتطلب استثمارات هائلة في البحث والتطوير، فضلاً عن التحول نحو إنتاج السيارات الكهربائية والهجينة على نطاق واسع، وهو ما يضع ضغوطًا مالية وتشغيلية كبيرة على الشركات، خصوصًا المتوسطة والصغيرة.
وأشار المصنعون إلى أن تطبيق أهداف الحياد الكربوني يتطلب توفير بنية تحتية ضخمة لشبكات الشحن الكهربائي والطاقة المتجددة، وهو ما لم يتحقق بعد بشكل كافٍ في معظم دول الاتحاد. وأكدوا أن الاستمرار في فرض معايير بيئية صارمة دون مراعاة للتحديات الاقتصادية قد يؤدي إلى فقدان مئات الآلاف من الوظائف في سلاسل التوريد المرتبطة بقطاع السيارات.
الاتحاد الأوروبي متمسك بالأهداف
من جانبها، تؤكد المفوضية الأوروبية أن التوجه نحو الحياد الكربوني ليس خيارًا بل ضرورة استراتيجية، سواء لمواجهة التغير المناخي أو للحفاظ على تنافسية أوروبا في المستقبل. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن قطاع النقل مسؤول عن نحو ربع انبعاثات غازات الدفيئة في الاتحاد الأوروبي، وأن التحول السريع إلى المركبات النظيفة هو السبيل الوحيد للالتزام باتفاق باريس للمناخ وأهداف الاتحاد طويلة الأجل.
ويشدد المسؤولون الأوروبيون على أن الدعم المالي والتكنولوجي متاح لمساعدة الشركات على إنجاز عملية التحول، بما في ذلك تخصيص مليارات اليوروهات من صندوق الابتكار والبرامج الخضراء لتسريع إنتاج البطاريات والبنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية.
جدل متصاعد
ويرى مراقبون أن التوتر بين أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية ومصالح الشركات يعكس جدلاً أوسع حول كيفية تحقيق التوازن بين حماية البيئة والحفاظ على القدرة التنافسية للاقتصاد. فبينما تضغط جماعات البيئة لتسريع التحول الأخضر، تطالب اتحادات الصناعات بمهلة أطول وتسهيلات أكبر، محذرة من أن الأسواق الناشئة، مثل الصين والهند، قد تستفيد من أي تراجع أوروبي في مجال الصناعة التقليدية.
مستقبل صناعة السيارات الأوروبية
في هذا السياق، يؤكد محللون أن السنوات المقبلة ستكون حاسمة لصناعة السيارات الأوروبية، إذ ستحدد مدى قدرتها على التحول إلى مركز عالمي لإنتاج السيارات النظيفة أو مواجهة خطر فقدان حصتها في السوق العالمية. كما أن السياسات الأوروبية المتعلقة بالحياد الكربوني ستؤثر بشكل مباشر على الاستثمارات المستقبلية، سواء في قطاع السيارات أو في قطاعات الطاقة والبنية التحتية.
ويشير خبراء إلى أن الحل يكمن في تعزيز الشراكات بين الحكومات والشركات لتطوير تقنيات منخفضة التكلفة وأكثر كفاءة، مع التركيز على دعم الابتكار المحلي، بما يضمن انتقالًا سلسًا نحو الاقتصاد الأخضر دون التضحية بالوظائف والنمو الاقتصادي.