لا خوف على الاقتصاد المصري.. فائض الأصول الأجنبية يحلق عند مستوى قياسي

في خطوة تعكس انتعاشًا ملحوظًا في الاقتصاد المصري، سجل فائض صافي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي المصري، بما يشمل البنك المركزي والبنوك التجارية، ارتفاعًا غير مسبوق بنسبة 23% خلال شهر يوليو 2025، ليصل إلى 18.5 مليار دولار، مقارنة بحوالي 15 مليار دولار في يونيو من العام نفسه.
وهذه القفزة التاريخية، تؤكد تحسن تدفقات النقد الأجنبي واستقرار سعر الصرف، مما يعزز ثقة المستثمرين في السوق المصرية.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض أبرز العوامل التي ساهمت في هذا الإنجاز، وتأثيراته على الاقتصاد الوطني.
الأرقام تروي القصة
ووفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، بلغ فائض صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي 900.545 مليار جنيه (ما يعادل 18.5 مليار دولار) بنهاية يوليو 2025، مقارنة بـ741.813 مليار جنيه (15 مليار دولار) في يونيو 2025، بزيادة شهرية تجاوزت 21%.
وهذا الارتفاع جاء مدعومًا بزيادة كبيرة في الأصول الأجنبية المملوكة للبنوك، والتي قفزت إلى 4.25 تريليون جنيه (87.24 مليار دولار) في يوليو، مقارنة بـ4.15 تريليون جنيه (83.52 مليار دولار) في يونيو.
وفي المقابل، شهدت الالتزامات الأجنبية انخفاضًا طفيفًا إلى 3.35 تريليون جنيه (68.77 مليار دولار)، مما ساهم في تعزيز الفائض.
والبنوك التجارية سجلت أداءً استثنائيًا، حيث ارتفع فائض صافي الأصول الأجنبية لديها بنسبة 64% في يوليو إلى 8 مليارات دولار، مقارنة بـ4.9 مليار دولار في يونيو، بدعم من زيادة الأصول بنسبة 9% إلى 39.46 مليار دولار.
أما البنك المركزي، فقد شهد ارتفاعًا في فائض الأصول الأجنبية بنسبة 4%، ليصل إلى 10.48 مليار دولار بنهاية يوليو، مقارنة بـ10.06 مليار دولار في يونيو.

العوامل الدافعة وراء القفزة
ويعود هذا التحسن الملحوظ إلى عدة عوامل رئيسية، أولًا ساهم انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري، حيث تراجع من 49.66 جنيه في يونيو إلى 48.74 جنيه في يوليو، في تعزيز قيمة الأصول الأجنبية بالعملة المحلية.
وثانيًا، شهدت مصر تدفقات نقدية أجنبية قوية، مدفوعة بزيادة الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، التي ارتفعت بنسبة تزيد عن 100% منذ تحرير سعر الصرف في مارس 2024.
وثالثًا، لعبت صفقة رأس الحكمة مع الإمارات، التي جلبت 24 مليار دولار إلى الخزينة المصرية، دورًا حاسمًا في تعزيز الاحتياطي الأجنبي ودعم استقرار القطاع المصرفي.
تأثيرات إيجابية على الاقتصاد المصري
وهذا الارتفاع في فائض الأصول الأجنبية يعكس تحسنًا في السيولة النقدية بالعملات الأجنبية، مما يعزز قدرة البنوك على تلبية الطلب على الدولار وسداد الالتزامات الخارجية.
كما يشير إلى استقرار سعر الصرف، وهو ما أكده خبراء اقتصاديون، حيث أشارو إلى أن هذا التحسن يعكس زيادة تدفقات النقد الأجنبي للشهر الثاني على التوالي.
علاوة على ذلك، يدعم هذا الفائض خطوات البنك المركزي نحو تثبيت أسعار الفائدة وخفض التضخم، مما يعزز مناخ الاستثمار في مصر.
وقد أشار نجيب ساويرس، رجل الأعمال المصري، في منشور على منصة إكس، إلى أن الاقتصاد المصري يتجه نحو تحسن مستمر مع توقعات بنمو اقتصادي بنسبة 4% في النصف الثاني من 2025، مشيرًا إلى أن استقرار سعر الصرف وانخفاض التضخم قد يدفعان البنك المركزي لخفض الفائدة بنسبة 1-4%، مما يعزز الاستثمار.
تحديات قائمة وتوقعات مستقبلية
وعلى الرغم من هذا الإنجاز، تواجه مصر تحديات مثل الدين الخارجي، الذي انخفض إلى 154 مليار دولار بنهاية يونيو 2025 بعد سداد 14 مليار دولار.
ومع ذلك، يرى خبراء أن استمرار تدفقات النقد الأجنبي وتحسن الاحتياطي الأجنبي، الذي بلغ 46.38 مليار دولار، يعززان قدرة مصر على إدارة هذه الالتزامات.
ويمثل هذا الارتفاع في فائض الأصول الأجنبية إلى 18.5 مليار دولار علامة فارقة في مسيرة التعافي الاقتصادي لمصر. مع استمرار الإصلاحات الاقتصادية وزيادة الاستثمارات الأجنبية، تتجه مصر نحو تعزيز استقرارها المالي، مما يبشر بمستقبل اقتصادي واعد.
وومع ذلك، يظل الحفاظ على هذا الزخم وتسديد الديون الخارجية التحدي الأكبر الذي يتطلب استراتيجيات مستدامة لضمان استمرار النمو.