الجمعة 29 أغسطس 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
اقتصاد مصر

مش ساويرس ولا طلعت مصطفى ولا أبوهشيمة.. مليارديرات في مصر محدش يعرفهم وثرواتهم معدية

الخميس 28/أغسطس/2025 - 10:00 م
أثرياء مصر
أثرياء مصر

لما حد يسألك مين هما أغنى ناس في مصر؟.. أول أسماء بتيجي في بالك مين؟.. أكيد بتقول نجيب ساويرس.. محمد منصور.. هشام طلعت مصطفى.. أحمد أبوهشيمة.. صح؟.. دي الأسماء اللي بنشوفها في الأخبار.. وبنقرأ عنها في المجلات.. وبنتابع مشاريعهم وقصص نجاحهم.

بس خليني أفاجئك وأقولك.. إن دول اللي إحنا نعرفهم.. دول اللي عايشين في النور وتحت الأضواء.. لكن فيه عالم تاني خالص.. عالم موازي.. عالم "مليارديرات الظل".. ناس ثرواتهم معدية المليار والاتنين مليار دولار.. لكنك عمرك ما سمعت عنهم.. ولا غالباً هتشوفلهم صورة في أي مكان.

ياترى مين الناس دي؟.. وإزاي قدروا يعملوا كل الثروات دي من غير ما حد يحس بيهم؟.. وفين إمبراطورياتهم المالية المستخبية؟.. والأهم.. ليه بيختاروا بمزاجهم يفضلوا بعيد عن الأضواء والشهرة؟

عشان تفهم القصة.. لازم تتخيل إن الثروة في مصر عاملة بالظبط زي جبل التلج.. الجزء الصغير اللي فوق الماية اللي كلنا شايفينه.. هما رجال الأعمال المشاهير اللي ذكرنا أسماءهم.. لكن الجزء الأكبر.. الأضخم.. المرعب.. هو اللي غطسان تحت الماية.. وده عالم تاني تماماً.. ليه قوانينه الخاصة.

العالم ده فيه أنواع مختلفة من المليارديرات.. خلينا ناخد جولة سريعة عشان نعرف هما مين وبيعملوا فلوسهم منين.

النوع الأول.. "ملوك الكواليس".. أو أباطرة التوكيلات. فيه ناس في مصر هما اللي بيوردوا كل حاجة بنستعملها تقريبًا.. من أول ماركة عربيتك الفاخرة.. مروراً بأجهزة التكييف والتلاجات.. لحد المعدات الطبية اللي في المستشفيات.. والأدوية اللي في الصيدليات.. الناس دي مش أصحاب المصانع اللي بره.. هما الوكلاء الحصريين للماركات العالمية دي في مصر.. ثرواتهم بتتبني من العمولات الضخمة وعقود التوزيع.. وهما بيكسبوا مليارات حرفياً من غير ما اسمهم يتكتب على المنتج اللي إنت بتشتريه.

النوع التاني.. "أباطرة الصناعات المغلقة". تخيل إن فيه مصانع عملاقة بتنتج حاجات إنت كفرد عمرك ما هتشتريها مباشرة.. زي مثلاً المواد الخام اللي بتدخل في صناعة البويات.. أو الكيماويات اللي بتستخدمها مصانع الأدوية.. أو مكونات الأكل اللي بتتورّد لمصانع الشيبسي والبسكوت الكبيرة.. أو حتى قطع غيار معينة بتتورد لمصانع العربيات.. أصحاب المصانع دي.. ثرواتهم بالمليارات.. بس إنت متعرفهمش.. لإنك ببساطة مش الزبون بتاعهم.. زبونهم هو المصانع الكبيرة التانية.

النوع التالت.. "ورثة العروش القديمة".. أو "الأولد موني". فيه عائلات في مصر.. الثروة عندهم مش فلوس وبس.. دي إرث وتاريخ بيمتد لمئات السنين.. عائلات ورثت أراضي زراعية بالآلاف الأفدنة من أيام الباشاوات.. أو ورثت مصانع غزل ونسيج من أيام الملكية.. أو أساطيل سفن وملاحة.. الناس دي اتولدت وفي بقها معلقة دهب.. والثروة بتجري في دمهم.. وبيفضلوا يديروها بهدوء وبعيد عن أي شوشرة إعلامية.. عقلية "المال القديم" مختلفة.. بيشوفوا إن التباهي بالثروة عيب.. وقلة أصل.

النوع الرابع.. كبار المقاولين والموردين.. كل المشاريع القومية العملاقة اللي بتشوفها.. الكباري.. الطرق.. الأنفاق.. المدن الجديدة.. محطات الكهربا.. وراها شركات مقاولات وتوريدات ضخمة جداً بتشتغل ليل نهار.. أصحاب الشركات دي مش شرط يكونوا معروفين إعلامياً زي شركات التطوير العقاري اللي بتبيع شقق للأفراد.. لكن عقودهم مع الدولة والكيانات الكبرى بتكون بالمليارات.. وثرواتهم بتنمو بشكل صاروخي مع كل مشروع جديد.

طب ليه كل دول بيختاروا الظل؟

الأسباب كتير.. أولاً.. الأمان والخصوصية.. مش كل الناس بتحب الشهرة.. فيه اللي بيعتبر إنها صداع ومسئولية ومشاكل هو في غنى عنها.. ثانياً.. طبيعة البيزنس بتاعهم مش محتاجة شهرة.. هو مش بيبيع منتج للجمهور عشان يعمل إعلانات في التلفزيون.. زباينه معروفين.. ثالثاً.. زي ما قلنا.. عقلية المال القديم اللي بتقدس الهدوء والبعد عن الأنظار.

اللي لازم تكون عارفه  إن خريطة الثروة في مصر.. أكبر وأعمق وأكثر تعقيداً بكتير من الأسماء اللامعة اللي بنعرفها.. فيه اقتصاد كامل وقوي بيتحرك في الظل.. بيقوده مليارديرات ممكن يكونوا جيرانك أو تقابلهم صدفة.. وميجيش في بالك أبداً إن الشخص الهادي ده.. بيمتلك إمبراطورية مالية ضخمة.. ودول يمكن يكونوا هما المحرك الحقيقي والأكثر تأثيراً في الاقتصاد المصري.. بعيداً عن أي كاميرات أو أضواء.