تهديد ترامب بالعقوبات يضع الهند في مأزق بشأن النفط الروسي

تواجه الهند معضلة صعبة بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض "عقوبة" على استمرار وارداتها من النفط الروسي، وهي تجارة تبدو نيودلهي مترددة في إنهائها قريبا.
ورغم أن ترامب قال للصحافيين يوم الجمعة إنه "سمع" أن الهند ستوقف مشترياتها من النفط الروسي، فإن المسؤولين الهنود لم يعلنوا موقفاً واضحاً حتى الآن. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية، راندهير جايسوال، إن بلاده تحدد مصادر وارداتها من الطاقة "بناءً على أسعار النفط في السوق الدولية، ووفقاً للظروف العالمية في حينها".
وقال بوب ماكنالي، رئيس شركة الاستشارات «رابيدان إنرجي غروب»، في مقابلة مع قناة CNBC، إن "الهنود لا بد أنهم يشعرون ببعض الارتباك" إزاء تهديدات ترامب، التي تمثل تحولاً عن الموقف المتساهل الذي اتبعته إدارة بايدن.
وأضاف: "الآن نقلب الموقف ونقول: ما الذي تفعلونه بشرائكم لكل هذا النفط الروسي؟".
وكان داليب سينج، نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي للشؤون الاقتصادية الدولية في إدارة بايدن، قد صرّح في مارس آذار 2022 –أي بعد شهر من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا– بأن "الأصدقاء لا يضعون خطوطاً حمراء لبعضهم البعض"، وأكد أنه لا يوجد حظر في الوقت الراهن على واردات الطاقة من روسيا.
وأضاف سينغ حينها: "ما لا نرغب في رؤيته هو تسارع كبير في واردات الهند من روسيا، سواء في مجال الطاقة أو في أي صادرات أخرى تخضع حاليا للعقوبات الأمريكية أو الدولية".
وفي 30 يوليو، أعلن ترامب أن الهند ستواجه تعرفة جمركية بنسبة 25% اعتباراً من الأول من أغسطس آب، إلى جانب "عقوبة" غير محددة بسبب مشترياتها من النفط الروسي والمعدات العسكرية الروسية.
يرى محللون أن الهند، ثالث أكبر مستهلك للطاقة في العالم، لا تُظهر أي مؤشرات على التراجع في الوقت الحالي، رغم التهديدات الأمريكية الأخيرة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدرين حكوميين هنديين، أن الهند لا تعتزم إدخال تغييرات فورية على عقودها طويلة الأجل مع المورّدين الروس.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، أصبحت روسيا المورّد الرئيسي للنفط إلى الهند، حيث ارتفعت الكميات المورّدة من أقل من 100 ألف برميل يومياً —ما يعادل 2.5% من إجمالي الواردات— إلى أكثر من 1.8 مليون برميل يومياً في عام 2023، أي نحو 39% من إجمالي الواردات. ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإن 70% من صادرات النفط الروسي في عام 2024 توجّهت إلى الهند.
ودافع وزير الطاقة الهندي، هارديب سينج بوري، عن موقف بلاده في مقابلة مع قناة CNBC في 10 يوليو، قائلاً إن هذه السياسة ساهمت في استقرار أسعار النفط العالمية، بل وحظيت بتشجيع من واشنطن نفسها.
وأضاف بوري: «لو توقفت الدول عن الشراء في تلك المرحلة، لارتفع سعر النفط إلى 130 دولاراً للبرميل. كنا حينها نتلقى نصائح، حتى من أصدقائنا في الولايات المتحدة، تدعونا إلى شراء النفط الروسي، لكن ضمن سقف السعر المحدد».
وكانت مجموعة الدول السبع الكبرى قد فرضت، في ديسمبر 2022، سقفاً لسعر النفط الروسي عند 60 دولاراً للبرميل، فيما خفضه الاتحاد الأوروبي في يوليو تموز إلى ما يزيد قليلاً على 47 دولاراً للبرميل.
ورغم ذلك، فإن الضغوط تتصاعد. وقال فيشنو فاراثان، المدير العام في «ميزوهو سيكيوريتيز»، إن التهديدات الأميركية تمثّل «خطراً واضحاً ومباشراً» للهند، مرجّحاً أن تواصل نيودلهي تبني موقف غير حاسم في ما يتعلق بمشتريات النفط، بينما تدرس خياراتها الاستراتيجية وتستخدم ما سمّاه «الخيار الروسي» كورقة تفاوض.
وأشار فاراثان، الذي يرأس أيضاً قسم الأبحاث الاقتصادية لمنطقة آسيا (باستثناء اليابان)، إلى أن الهند ستحتاج إلى البحث في الأسواق العالمية عن بدائل مماثلة من حيث السعر والجودة للنفط الروسي.