الجنيه يختبر قوته.. هل يدفع صعود العملة المصرية أمام الدولار البنك المركزي لخفض الفائدة؟

يترقب الجميع بمزيج من الحذر والتفاؤل قرار لجنة السياسة النقدية بـ البنك المركزي المصري في اجتماعها المقبل، وشهد الجنيه المصري، في يومي 28 و29 يوليو 2025، انتعاشًا ملحوظًا أمام الدولار الأمريكي، حيث انخفض سعر الدولار إلى مستويات 48.76-48.93 جنيه، بانخفاض يصل إلى 82 قرشًا خلال يوليو.
ويثير هذا التحسن تساؤلات حول تأثيره على قرار الفائدة المرتقب، وهل سيستغل البنك المركزي هذا الزخم لتخفيف السياسة النقدية، أم سيبقى حذرًا في ظل التحديات العالمية؟.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض تأثير هذا الانخفاض على قرار الفائدة.
انخفاض الدولار قوة الجنيه أم فرصة مؤقتة؟
وشهد الجنيه المصري تحسنًا ملحوظًا أمام الدولار في يومي 28 و29 يوليو 2025، حيث سجل الدولار مستويات 48.76 جنيه للشراء و48.93 جنيه للبيع في بعض البنوك، بانخفاض قدره 82 قرشًا خلال يوليو.
وهذا التحسن جاء مدعومًا بزيادة صافي الاحتياطيات الدولية إلى 48.7 مليار دولار بنهاية يونيو 2025، مقارنة بـ48.52 مليار دولار في مايو، إلى جانب تدفقات تحويلات المصريين بالخارج التي بلغت 32.8 مليار دولار من يوليو 2024 إلى مايو 2025.
ولكن هل يعكس هذا الانخفاض قوة مستدامة للجنيه؟، حيث يرى محللون أن هذا التحسن قد يكون مدفوعًا بعوامل مؤقتة، مثل زيادة تدفقات النقد الأجنبي من السياحة أو التحويلات، لكنه قد يواجه ضغوطًا مستقبلية بسبب التوترات العالمية، مثل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي فرضت رسومًا جمركية بنسبة 10-50%، مما قد يزيد الطلب على الدولار في الأسواق الناشئة.

سياسة الفائدة بين التضخم وتحفيز النمو
ومع اقتراب اجتماع البنك المركزي في أغسطس 2025، يتركز الاهتمام على قرار أسعار الفائدة، وفي يوليو 2025، أبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة عند 27.75% للإيداع و28.75% للإقراض، بعد خفضها بـ225 نقطة أساس في أبريل 2025، مدعومًا بانخفاض التضخم إلى 12.8% في فبراير ثم 13.6% في مارس.
وانخفاض الدولار أمام الجنيه قد يعزز هذا الاتجاه نحو التيسير النقدي، حيث يقلل من الضغوط التضخمية المرتبطة بتكاليف الواردات.
ومع ذلك، يحذر خبراء من أن خفض الفائدة بشكل متسرع قد يقلل من جاذبية أدوات الدين الحكومية للمستثمرين الأجانب، خاصة إذا عاد الدولار للارتفاع، وفي المقابل، يرى آخرون أن استقرار الجنيه وتباطؤ التضخم نحو المعدل المستهدف (7% ±2% بحلول 2026) يمنح البنك مساحة لخفض الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي.
قرارات تحت المجهر
وعدة عوامل ستشكل قرار البنك المركزي، وهي:
- انخفاض التضخم: مع تراجع التضخم إلى مستويات أقل من 14%، تصبح هناك مساحة لتخفيف الفائدة دون إثارة ضغوط تضخمية جديدة.
- استقرار الجنيه: انخفاض الدولار يعزز الثقة في العملة المحلية، لكن استمرار هذا الاستقرار يعتمد على تدفقات النقد الأجنبي.
- التوترات العالمية: الحرب التجارية والتغيرات في سياسة الفيدرالي الأمريكي قد تؤثر على تدفقات رأس المال إلى مصر، وخفض الفيدرالي للفائدة في سبتمبر 2024 دعم الأسواق الناشئة، لكن أي تشديد مستقبلي قد يعكس هذا التأثير.
- الطلب الموسمي: زيادة الطلب على النقد الأجنبي بعد موسم العطلات قد تعيد الضغط على الجنيه.
توقعات المحللين تفاؤل حذر
وتوقعات المحللين متباينة، حيث أظهر استطلاع "CNBC عربية" أن أغلبية المحللين يتوقعون خفضًا إضافيًا للفائدة في 2025، مدعومًا بانخفاض التضخم وتحسن سعر الصرف.
ولكن تقرير "أكسفورد إيكونوميكس" يحذر من احتمال تراجع الجنيه إلى 55-60 جنيهًا مقابل الدولار بحلول نهاية 2025 إذا تصاعدت الضغوط الخارجية، مما قد يدفع البنك للإبقاء على الفائدة دون تغيير.
ومع انخفاض الدولار أمام الجنيه في يوليو 2025، يواجه البنك المركزي المصري فرصة ذهبية لتعزيز النمو الاقتصادي عبر خفض الفائدة، لكنه يظل تحت ضغط تحقيق التوازن بين دعم الجنيه ومواجهة التحديات العالمية.
وقرار أغسطس 2025 لن يكون مجرد قرار مالي، بل خطوة استراتيجية تعكس رؤية اقتصادية طموحة لمصر في مواجهة عالم مضطرب.