صفقات بـ40 مليار دولار.. سباق استثماري على الأراضي المصرية بين السعودية والإمارات وقطر

تعد مصر واحدة من أبرز الوجهات الاستثمارية في المنطقة العربية والقارة الأفريقية، حيث تمتلك مقومات تجعلها مركزا جاذبا للاستثمارات الأجنبية والمحلية، فموقعها الجغرافي الاستراتيجي، الذي يربط بين قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا، يجعلها بوابة تجارية عالمية.
إضافة إلى ذلك، تمتلك مصر بنية تحتية متطورة تشمل موانئ حديثة، شبكات طرق متكاملة، ومطارات دولية، مما يعزز من سهولة الوصول والتجارة، كما تساهم الحوافز الاستثمارية التي تقدمها الحكومة المصرية، مثل الإعفاءات الضريبية، وتسهيلات تخصيص الأراضي، وإنشاء مناطق حرة، في جذب المستثمرين إليها.
تحركات استثمارية عربية لتخصيص أراضٍي لتنفيذ مشروعات جديدة
وشهدت الفترة الأخيرة اتصالات متقدمة بين الجانب المصري وعدد من المستثمرين العرب، تم خلالها استعراض حزمة متكاملة من الفرص الاستثمارية، حيث تلقت الجهات المعنية طلبات رسمية لتخصيص أراضٍ لتنفيذ مشروعات جديدة، فيما يجري حاليًا دراسة عدد من المقترحات بمشاركة كيانات استثمارية من داخل مصر وخارجها.
وبحسب تقارير رسمية، تشير المؤشرات إلى حالة من الحراك المتجدد في العلاقات الاستثمارية مع عدة دول عربية، وسط رغبة واضحة في استكشاف فرص نوعية داخل السوق المصري، تعكس ثقة متزايدة في الإصلاحات التي تم تنفيذها وبيئة الأعمال التي تشهد تحسنًا تدريجيًا.

أوروبا وآسيا تتحرك.. وقطاعات بعينها تحت المجهر
الاهتمام بالفرص الاستثمارية في مصر لم يعد حكرا على المحيط العربي، بل امتد ليشمل تحركات واسعة من مستثمرين أوروبيين وآسيويين، وتتركز الاهتمامات حاليًا على قطاعات حيوية أبرزها التصنيع، والخدمات، والسياحة، والرعاية الصحية، إلى جانب أنشطة الاقتصاد الأخضر وإعادة تدوير المخلفات.
ويرتبط هذا التوجه بتطور بيئة العمل في مصر، والإجراءات التي تم اتخاذها لتبسيط الإجراءات وتعزيز الشفافية، بما ساهم في رفع جاذبية السوق أمام رؤوس الأموال الباحثة عن فرص استثمار مستقر طويل الأمد.
توقعات بنمو قوي في تدفقات الاستثمار الأجنبي
تقديرات رسمية تشير إلى أن مصر قد تنجح في جذب استثمارات أجنبية مباشرة تتراوح بين 12 و15 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري، ويعزز هذه التوقعات الأداء القوي خلال النصف الأول من العام، والذي شهد تدفقات بلغت نحو 7 مليارات دولار، بزيادة واضحة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
وتمضي الاستراتيجية الوطنية في استهداف زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 15% خلال العام المالي المقبل، مع التركيز على التنوع الجغرافي للمصادر، وضمان استمرارية واستدامة النمو في هذا المسار.
رأس الحكمة: أضخم الصفقات الاستثمارية في تاريخ مصر

وتعد صفقة رأس الحكمة، التي أُبرمت في 23 فبراير 2024 بين مصر وشركة "القابضة" (ADQ) الإماراتية، واحدة من أضخم الصفقات الاستثمارية في تاريخ مصر، والتي تهدف إلى تطوير مدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي باستثمارات إجمالية تصل إلى 35 مليار دولار، تدفع على دفعتين، 15 مليار دولار دفعت خلال أسبوع من توقيع العقد، و20 مليار دولار حصلت بعد شهرين من التوقيع.
وشملت الصفقة تحويل 11 مليار دولار من الودائع الإماراتية في البنك المركزي المصري إلى استثمارات مباشرة، ويهدف المشروع إلى تحويل المنطقة إلى وجهة سياحية وعالمية تنافس مدنا مثل دبي، مع إنشاء أحياء سكنية، فنادق عالمية، مارينا لليخوت، ومطار دولي جنوب المدينة.
ومن المتوقع أن يجذب المشروع 8 ملايين سائح سنويا، مما يعزز القطاع السياحي ويوفر آلاف فرص عمل، كما ستحصل مصر على 35% من أرباح المشروع، مما يعزز العوائد الاقتصادية.
صفقة عملاقة مرتقبة: تخصيص أرض بالساحل الشمالي لمستثمرين قطريين
وفي إطار الإقبال المتزايد على الاستثمار في مصر، تتجه الأنظار نحو صفقة مرتقبة لتخصيص أرض في منطقة علم الروم بالساحل الشمالي لمستثمرين قطريين.
وفقًا لتقارير إعلامية، تستعد قطر للإعلان عن إنشاء مدينة سياحية على مساحة 60 ألف فدان، باستثمارات أولية تقدر بـ4 مليارات دولار، وتشمل هذه الاستثمارات حق الانتفاع بالأرض وتكاليف البنية التحتية التي ستتولاها الحكومة المصرية.
ويتوقع أن يتبع هذا المشروع نموذجا مشابها لصفقة رأس الحكمة، مع التركيز على تطوير وجهة سياحية متكاملة تعزز مكانة الساحل الشمالي كمركز جذب عالمي.
وهذه الصفقة تأتي في سياق سعي مصر لتكرار نموذج رأس الحكمة في مناطق أخرى، مثل ساحل البحر الأحمر، لجذب استثمارات أجنبية إضافية خلال عام 2025.

ثقة كبيرة في الاقتصاد المصري
ويبرز الإقبال المتزايد من المستثمرين، سواء من الإمارات أو قطر، على الأراضي المصرية، الثقة الكبيرة في الاقتصاد المصري وإمكاناته، فصفقة رأس الحكمة وصفت بأنها "تاريخية" لما لها من أثر في تعزيز السيولة الدولارية ودعم القطاع السياحي، بينما تعد الصفقة المرتقبة مع قطر خطوة إضافية نحو تحقيق رؤية مصر كوجهة استثمارية عالمية.
ومع استمرار الحكومة المصرية في تقديم التسهيلات وتطوير البنية التحتية، يتوقع أن تستمر مصر في جذب المزيد من الاستثمارات، مما يعزز النمو الاقتصادي ويوفر فرصا واعدة للتنمية المستدامة.