السبت 05 يوليو 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
اقتصاد مصر

60 مليون قدم مكعب يوميًا من حقل ظُهر.. كيف تغير مصر خريطة الغاز بالمنطقة؟

السبت 05/يوليو/2025 - 03:00 م
60 مليون قدم مكعب
60 مليون قدم مكعب يوميًا من حقل ظُهر

في خطوة تعكس التصاعد المستمر في قدرات مصر الإنتاجية من الغاز الطبيعي، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية عن دخول بئر "ظُهر 6" مرحلة الإنتاج الفعلي، بإضافة يومية تصل إلى 60 مليون قدم مكعب من الغاز، ما يُمثل تطورًا نوعيًا في منظومة الإمداد القومي، لا سيما مع اقتراب ذروة الاستهلاك خلال أشهر الصيف.

أُنجزت أعمال الحفر للبئر الجديدة باستخدام الحفار البحري العملاق «سايبم 10000» التابع لشركة «إيني» الإيطالية، وهو ما يعكس حجم الاستثمارات والتقنيات العالمية المستخدمة لتعظيم الاستفادة من حقل ظُهر الذي يُعد واحدًا من أكبر اكتشافات الغاز في البحر المتوسط.

تحول استراتيجي في بنية الطاقة الوطنية

لا يقتصر الإعلان على كونه مجرد إضافة كمية جديدة من الغاز، بل يأتي في سياق أوسع يعكس رؤية الدولة لإعادة تشكيل خريطة الطاقة الوطنية، من خلال استراتيجية تعتمد على تعظيم الاكتشافات، وتسريع وتيرة الحفر والإنتاج، وتعزيز التعاون مع الشركات العالمية ذات الباع الطويل في تقنيات الاستخراج البحري.

وزارة البترول تسير بخطى متسارعة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، مع خفض الاعتماد على الواردات، وضمان استدامة الإمدادات، خاصة في ظل النمو المستمر في الطلب المحلي، سواء على مستوى الصناعة أو توليد الكهرباء أو الاستخدام المنزلي.

60 مليون قدم مكعب يوميًا من حقل ظُهر.. كيف تغير مصر خريطة الغاز بالمنطقة؟

نمو طاقي متعدد الأبعاد

خلال الأشهر الماضية، دخلت مجموعة من الآبار الجديدة إلى الإنتاج، تمثل كل منها محورًا استراتيجيًا في منظومة تنويع مصادر الغاز والبترول:

▪ بئر «سيينا دي إي» – غرب دلتا النيل

بداية قوية للمرحلة الحادية عشرة من تطوير المنطقة، إذ بدأ الإنتاج الفعلي بمعدل 40 مليون قدم مكعب يوميًا، مع خطة للوصول إلى 130 مليون قدم مكعب يوميًا، ما يُؤكد الجاهزية التقنية والتشغيلية للربط الفوري بالمنظومة.

▪ بئر GPR-1X – الصحراء الغربية

يمثل نموذجًا لكشف مزدوج، حيث أنتج 1400 برميل من الخام ومليون قدم مكعب من الغاز يوميًا، مع احتياطي يُقدّر بـ2 مليون برميل، وهو ما يرسخ أهمية الصحراء الغربية كخزان استراتيجي مستمر للثروات الهيدروكربونية.

▪ بئر جنوب NUT-1 – الصحراء الغربية

يمتد إلى أعماق رمال الشفا، ويُتوقع أن يضيف 30 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز، فيما تم تخصيص 10 ملايين دولار لإنشاء خط إنتاج بطول 23 كم، تأكيدًا لسرعة تنفيذ عمليات النقل والربط.

▪ بئر غرب فيران-2 – خليج السويس

يُعزز إنتاج الزيت الخام بإجمالي 2660 برميل يوميًا، بجانب الإعلان عن بئر GS327-A15 من شركة "جابكو" بإنتاج 720 برميل يوميًا، ما يعكس تنشيطًا ملحوظًا للمنطقة التي شهدت مؤخرًا تطورًا لافتًا في الاكتشافات.

▪ حقل ريفين – المرحلة الثانية

مشروع عملاق تابع لشركة "بي بي"، بدأ إنتاجه بالفعل بمعدل يُقدر بـ220 مليار قدم مكعب من الغاز و7 ملايين برميل من المكثفات، ليُشكل إضافة نوعية في بنية الغاز بالبحر المتوسط.

▪ كشف كينج مريوط – شمال المتوسط

وُصف بأنه من الاكتشافات الواعدة على المدى المتوسط، ويُتوقع أن يحتوي على احتياطي يتراوح بين 3 و4 تريليونات قدم مكعب، مما يجعله أحد المحاور المستقبلية لتعزيز الصادرات وتقوية وضع مصر كمركز إقليمي للطاقة.

60 مليون قدم مكعب يوميًا من حقل ظُهر.. كيف تغير مصر خريطة الغاز بالمنطقة؟

حصيلة عام من الاكتشافات

وفقًا لبيان صادر عن الوزير كريم بدوي، فإن الفترة من يوليو 2024 حتى مايو 2025 شهدت نتائج مبهرة من حيث الكم والكيف في عمليات الاستكشاف والتقييم:

  • 5 اكتشافات غازية في البحر المتوسط بإجمالي احتياطي يصل إلى 1.85 تريليون قدم مكعب.
  • 6 اكتشافات نفطية في خليج السويس والصحراء الشرقية بإجمالي 18 مليون برميل زيت و3.4 مليار قدم مكعب غاز.
  • 29 كشفًا في الصحراء الغربية وحدها، بمخزون يُقدّر بـ118 مليون برميل زيت خام و249 مليار قدم مكعب غاز، مع ربط 26 بئرًا فعليًا على الإنتاج.

هذه الأرقام لا تعكس فقط التوسع الجغرافي في خارطة الاكتشافات، لكنها تُشير إلى تقدم واضح في تقنيات المسح السيزمي، وتطور في نظم الحفر والتحليل، فضلًا عن نجاح وزارة البترول في تهيئة مناخ استثماري جاذب ومستقر.

الطاقة كمحور سيادة إقليمية

60 مليون قدم مكعب يوميًا من حقل ظُهر.. كيف تغير مصر خريطة الغاز بالمنطقة؟

التحركات المصرية في ملف الغاز لا تنفصل عن أبعادها الجيوسياسية، إذ يعزز هذا النمو المتسارع في الإنتاج من موقع القاهرة كلاعب محوري في سوق الطاقة شرق المتوسط، ويفتح آفاقًا للتوسع في التصدير، خاصة عبر محطات الإسالة في إدكو ودمياط، باتجاه السوق الأوروبية.

كما يُسهم هذا الاستقرار في دعم الاقتصاد المحلي، عبر تقليص فاتورة الواردات البترولية، وتعزيز قدرة الدولة على تقديم الغاز بأسعار تنافسية للقطاع الصناعي، ما يرفع من تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية.