المدن الصناعية.. تقود ثورة انطلاقة الاقتصاد المصري

وضعت الدولة المصرية منذ عام 2014، الصناعة على رأس أولوياتها، إدراكاً منها أن التنمية الاقتصادية المستدامة لا تتحقق دون قاعدة صناعية قوية، وترجم هذا الإدراك إلى خطوات فعلية ومشروعات ضخمة، في مقدمتها إنشاء المدن الصناعية، كأحد أبرز أدوات الدولة لتوطين الصناعة وتحفيز النمو الاقتصادي، لتتحول مصر تدريجياً إلى وجهة صناعية واستثمارية واعدة في المنطقة.
توطين الصناعة.. أولوية استراتيجية
اتخذت الدولة خطوات حثيثة نحو توطين الصناعة، من خلال دعم القطاعات الإنتاجية الحيوية مثل الصناعات التحويلية، والغذائية، والهندسية، والمنسوجات، والكيماويات، بل والصناعات الحربية، لتقليل الاعتماد على الواردات، وزيادة فرص التصدير، ما يعزز الاحتياطي من النقد الأجنبي ويقرب مصر من هدفها الطموح بتحقيق صادرات سنوية تبلغ 100 مليار دولار.
وكان تطوير البنية التحتية وتعزيز التكنولوجيا والابتكار من ركائز هذه الرؤية، إلى جانب إصلاحات هيكلية شاملة، تمثلت في البرنامج الوطني للإصلاح الهيكلي، الذي ركز على تقوية قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتحسين بيئة الأعمال والتعليم الفني والتدريب المهني.

المدن الصناعية.. بنية جديدة للاقتصاد
رؤية مصر الصناعية تجسدت عملياً في إنشاء 4 مدن صناعية جديدة خلال العقد الأخير، إضافة إلى 17 مجمعاً صناعياً متكاملاً في 15 محافظة بتكلفة تجاوزت 10 مليارات جنيه، مما وفّر بيئة متكاملة للمستثمرين وأتاح آلاف فرص العمل. واستهدفت هذه المدن والمجمعات عدة صناعات رئيسية، من بينها البلاستيك، والنسيج، والكيماويات، والأثاث، والصناعات الغذائية والهندسية.
هذا التوسع في المدن الصناعية لم يقتصر على البناء فقط، بل ارتبط بسياسات داعمة، مثل تخصيص 12 مليار جنيه لدعم القطاع الصناعي، وتنفيذ أكثر من 100 إجراء لتحفيزه، وتسهيل الحصول على التراخيص، ما يبرهن على إرادة سياسية حقيقية لتعميق التصنيع المحلي.
البنية التحتية.. ذراع داعمة للنمو
في موازاة المدن الصناعية، عملت الدولة على تطوير البنية التحتية الداعمة للنمو الصناعي، عبر تحديث الطرق والموانئ وخطوط النقل، ما أسهم في تسهيل حركة البضائع وخفض تكاليف الإنتاج والنقل، كما أطلقت الدولة مبادرات موجهة لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ومنها مبادرة "ابدأ"، التي نجحت في إنقاذ عشرات المصانع من التعثر، ودفعت بعجلة الإنتاج المحلي، فضلاً عن تعزيز التشغيل وتقليل الفجوة الاستيرادية.
منصة مصر الصناعية الرقمية
توجت هذه الجهود بإطلاق المرحلة الأولى من "منصة مصر الصناعية الرقمية" في سبتمبر الماضي، بالتعاون مع شركة "إي فاينانس"، لتكون بمثابة بوابة موحدة لتقديم خدمات وزارة الصناعة، بدءاً من تخصيص الأراضي الصناعية إلى الدفع الإلكتروني والحصول على التراخيص. المنصة تمثل نقلة نوعية في تقليل البيروقراطية وتحسين مناخ الاستثمار الصناعي، وتتماشى مع التوجه العام للدولة نحو الرقمنة.
تنسيق شامل وخطط طموحة
وأكد الفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصناعة والنقل، أن هناك خطة شاملة لتطوير القطاع الصناعي بالتنسيق مع مختلف الجهات، حيث جرى تنظيم لقاءات مكثفة مع المستثمرين الصناعيين واتحاد الصناعات والغرف التجارية، للوقوف على التحديات التي تواجههم، وتقديم حلول عملية تتسم بالشفافية والسرعة.