"سوفت بنك" تطرح مشروع ذكاء اصطناعي بتريليون دولار على "TSMC" وترامب

يسعى ماسايوشي سون، مؤسس مجموعة "سوفت بنك"، إلى التعاون مع شركة "تايوان سيميكونداكتور مانوفاكتشورينج" لتحقيق ما قد يكون أكبر رهاناته حتى الآن وهو إنشاء مجمّع صناعي بقيمة تريليون دولار في ولاية أريزونا لتصنيع الروبوتات والذكاء الاصطناعي.
يتخيّل سون نسخة من مركز التصنيع الضخم في شينزن الصينية، ما من شأنه إعادة التصنيع التكنولوجي المتقدّم إلى الولايات المتحدة، وقد يشمل المجمع خطوط إنتاج روبوتات صناعية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، بحسب وكالة بلومبرج.
مشاركة غير أكيدة لـ"TSMC"
يحرص مسؤولو "سوفت بنك" على أن تلعب الشركة التايوانية المُوردة للرقائق المتقدّمة لشركة "إنفيديا" دوراً بارزاً في المشروع، رغم أن الدور الذي يتصوّره سون لـ"TSMC" لا يزال غير واضح، خصوصاً أن الأخيرة تخطّط بالفعل لاستثمار 165 مليار دولار في الولايات المتحدة وبدأت الإنتاج الضخم في أول مصانعها بأريزونا.
كما أنه من غير المؤكد أن "TSMC" مهتمة بالمشروع. ووفقاً لشخص مطّلع على موقف الشركة المصنّعة للرقائق، لا تأثير لمشروع "سوفت بنك" في خطط "TSMC" في فينيكس.
وارتفعت أسهم "سوفت بنك" بما يصل إلى 2.3% في طوكيو يوم الجمعة، كما صعد سهم "TSMC" بنسبة 1.9% في تايبيه.
ويحمل المجمّع الصناعي في أريزونا الاسم الرمزي "مشروع أرض الكريستال" ويمثّل المحاولة الأكثر طموحاً لرئيس "سوفت بنك" البالغ من العمر 67 عاماً في مسيرته المهنية، التي شهدت رهانات ضخمة عديدة، وعوائد تجاوزت آلاف المرات، وكذلك خسائر بمليارات الدولارات. وغالباً ما عبّر سون عن شعوره بخيبة أمل تجاه إرثه، وقد صرّح مراراً بأنه عازم على بذل كل ما بوسعه لتسريع تطوير الذكاء الاصطناعي.
ترويج للمجمع بين كبار اللاعبين
قال الأشخاص المطلعون إن مسؤولي "سوفت بنك" أجروا محادثات مع مسؤولين فيدراليين وعلى مستوى الولايات لمناقشة إمكانية تقديم إعفاءات ضريبية للشركات التي تبني مصانع أو تستثمر في المجمع الصناعي، بما في ذلك محادثات مع وزير التجارة الأمريكي، هوارد لوتنيك.
وأضافوا أن الملياردير الياباني يطرح المشروع بنفسه على عدد من شركات التكنولوجيا لاستكشاف مدى اهتمامها. وذكروا أن المشروع عُرض على مسؤولين تنفيذيين في شركة "سامسونج إلكترونيكس" الكورية الجنوبية.
امتنعت كل من "سوفت بنك" و"TSMC" و"سامسونغ" عن التعليق، فيما لم يرد متحدّث باسم وزارة التجارة الأميركية فوراً على طلب للتعليق.
قال الأشخاص المطلعون إن سون أعد قائمة بشركات محفظة "صندوق رؤية" التي قد تُشارك في مركز التصنيع المزمع في أريزونا. وأضافوا أن الشركات الناشئة المدعومة من "سوفت بنك" والتي تطور تقنيات الروبوتات والأتمتة -مثل "أجايل روبوتس" قد تبني منشآت إنتاج داخل المجمع الصناعي.
تأسيس المجمع يتوقف على دعم ترامب
وأشاروا إلى أن الخطط لا تزال أولية، وتعتمد قابلية تنفيذها على دعم إدارة ترامب ومسؤولي الولايات. ورغم أن تكلفة المشروع كما يتخيّله سون قد تصل إلى تريليون دولار -وهو رقم سبق أن أوردته "نيكاي"- فإن الحجم الفعلي للمشروع سيتوقف على مدى اهتمام شركات التكنولوجيا الكبرى. وإذا نجح المشروع، فقد طرح سون فكرة بناء مجمعات صناعية متقدمة أخرى في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة.
تدرس "سوفت بنك" مشروع أريزونا في الوقت الذي تمضي فيه قدماً في خططها لاستثمار 30 مليار دولار في "أوبن إيه آي"، وتخطط أيضا للاستحواذ على "أمبير كومبيوتينج" مقابل 6.5 مليار دولار.
كما تضخ أموالاً في مشروع "ستارجيت" المشترك مع "أوبن إيه آي"، و"أوراكل"، و"إم جي إكس" التابعة لأبوظبي، بهدف ضخ مئات مليارات الدولارات في مراكز البيانات والبنية التحتية ذات الصلة حول العالم.
سيولة وفيرة وخيارات تمويل مختلفة
تأتي هذه النفقات في وقت بلغت فيه السيولة النقدية لدى "سوفت بنك" 3.4 تريليون ين (23 مليار دولار) بنهاية مارس. باعت الشركة، التي تتخذ من طوكيو مقراً لها، ربع حصتها في "تي موبايل يو إس"، لجمع 4.8 مليار دولار الشهر الجاري. كما تمتلك "سوفت بنك" أصولاً صافية تُقدّر بـ25.7 تريليون ين، تشكّل فيها شركة تصميم الرقائق "آرم هولدينجز" الحصة الأكبر، ما يُتيح لها اقتراض مليارات إضافية عند الحاجة.
تدرس "سوفت بنك" خيار تمويل مراكز بيانات 'ستارغيت' باستخدام نموذج تمويل المشاريع، وهو نهج يمكن تطبيقه أيضاً على مشروع ضخم مثل 'أرض الكريستال".
ويُعد هذا النموذج شائعاً في مشاريع البنية التحتية الكبرى مثل خطوط أنابيب النفط أو الغاز، حيث يتيح للمستثمر التكنولوجي جمع التمويل لكل مشروع على حدة، ويتطلّب رأس مال أولي أقل.
رفع سهم "سوفت بنك"
نتج عن سعي سون المستمر للنمو فترات نشطت فيها المشروعات بشكل ملحوظ، وأخرى اتسمت بالفتور، ما يجعل من الصعب تقييم مدى التزامه بأي مشروع بعينه. وقال أشخاص مقرّبون من رئيس "سوفت بنك" إن الملياردير غالباً ما تحرّكه الرغبة في رفع سعر سهم "سوفت بنك" وسداد الجميل للمستثمرين الأفراد الذين احتفظوا بأسهم الشركة منذ ما قبل فقاعة الإنترنت وانفجارها.
وانتظر كثير من هؤلاء المستثمرين عقوداً كي يعود السهم إلى مستوياته خلال فقاعة "الدوت كوم"، وهو ما لم يحدث سوى مرات قليلة منذ عام 2020.
ترى ميليسا أوتو، رئيسة قسم الأبحاث في "فيزيبل ألفا"، أنه إذا كان الدافع الرئيسي لدى سون هو تمهيد الطريق أمام الذكاء الاصطناعي، فقد يكون من الأكثر كفاءة من حيث التكلفة تشجيع الشراكات التي تربط بين الخبرة التصنيعية وخبرة مهندسي الذكاء الاصطناعي والمتخصصين في مجالات مثل الطب والروبوتات، بالإضافة إلى احتضان الشركات الصغيرة.
وأشارت إلى أن ضخ الأموال في مراكز البيانات قد يسهم في خفض تكاليف تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتعزيز اعتمادها على نطاق أوسع. وقالت أوتو: "إنه يفكر على المدى البعيد ويقدم على المخاطر... لكن من المبكر جداً إصدار حكم".