الخميس 19 يونيو 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
تحليل

خروج 800 مليون دولار في 24 ساعة.. لماذا عاد سعر الدولار للارتفاع أمام الجنيه؟

الخميس 19/يونيو/2025 - 08:00 ص
أسباب ارتفاع سعر
أسباب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنية

هل تعيد الصراعات الإقليمية تشكيل خريطة التدفقات المالية نحو مصر؟.. تساؤلا بات يلوح في الأفق لاسيما بعدما شهدت الأسواق المصرفية المصرية بداية أسبوع ساخنة، بعد أن ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري بأكثر من جنيه كامل، متجاوزًا حاجز الـ50 جنيهًا لأول مرة منذ شهور. 

هذا الارتفاع الحاد في سعر الدولار لم يأت بمعزل عن السياق الإقليمي والدولي، بل جاء في ظل تطورات متسارعة تشي بتحولات اقتصادية أعمق، على رأسها التوتر المتصاعد بين إيران وإسرائيل، وما خلفه من اضطراب في أسواق منطقة الشرق الأوسط.

أسباب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنية

مع اشتداد الطلب على الدولار وعودة التحركات المفاجئة لما يعرف بـ"الأموال الساخنة"، وجدت سوق الصرف نفسها في مواجهة ضغوط متجددة، حيث سارعت بعض الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة بالخروج من أدوات الدين الحكومية.

خروج “الأموال الساخنة” من مصر ضاعف من اختلال التوازن بين العرض والطلب على الدولار، وأدى إلى قفزة مفاجئة في سعر الصرف الرسمي.

أسباب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنية

خروج 800 مليون دولار في يوم واحد من مصر

قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد فؤاد إن السوق المصري سجل خروجا لتدفقات نقدية تقدر بنحو 800 مليون دولار في يوم واحد، وهو ما يفوق بكثير متوسطات الخروج اليومية المعتادة التي تتراوح عادة بين 150 إلى 250 مليون دولار.

وأشار “فؤاد”، في تصريحات تليفزيونية، إلى أن هذه الموجة من الخروج التي حدثت بالأمس في السوق المصرفي المصري، جاءت رغم أنه يعد عطلة في الأسواق العالمية، مرجحا أن السبب الرئيسي قد يكون استحقاق أذون خزانة محلية بقيمة 154 مليار جنيه، ما دفع بعض المستثمرين إلى تسييل استثماراتهم لتفادي تجديد الأذون وتجميد الأموال.

هل تستمر موجة الصعود في سعر الدولار؟

رغم وصفه لما حدث بـ"الصدمة الأساسية"، أكد فؤاد أن ردود الفعل السريعة في الأسواق المالية لا تنبع فقط من حالة الهلع أو الخوف، بل تعكس عملية إعادة تموضع لرؤوس الأموال وفقًا لتغيرات المشهد الاقتصادي العالمي.

وأضاف أن المشهد سيبدأ في الاتضاح أكثر خلال اليوم التالي مع فتح الأسواق العالمية، حين تظهر مؤشرات مثل مؤشر الخوف وتحركات رؤوس الأموال بين الأسواق الناشئة والمستقرة.

ورغم ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، يرى فؤاد أن هذه القفزة قد تكون “مؤقتة”، وأن السعر قد يشهد تراجعا لاحقا، خاصة إذا هدأت حدة المخاوف الجيوسياسية أو ظهرت مؤشرات على استقرار تدفقات الأموال مجددا.

أسباب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنية

طلبات مباشرة من صناديق استثمار عالمية

وكشفت تقارير صحفية متخصصة عن تلقى بعض البنوك المصرية طلبات مباشرة من صناديق استثمار عالمية يوم الجمعة الماضي – رغم عطلة الأسواق العالمية يوم الأحد – لتنفيذ عمليات خروج جزئي من أذون وسندات الخزانة المصرية، وهو ما تم بالفعل مع بداية الأسبوع.

وأكدت التقارير أن تصاعد وتيرة الحرب بين إسرائيل وإيران دفع العديد من المستثمرين الأجانب إلى الاتجاه نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب والدولار، على حساب استثماراتهم في الأسواق الناشئة، بما فيها السوق المصرية.

سياسة مرونة سعر الصرف

من زاوية أخرى، فسّر بعض المصرفيين هذا الارتفاع في الدولار بأنه يأتي في إطار التزام البنك المركزي المصري بسياسة مرونة سعر الصرف، حيث يُسمح للسوق بتحديد السعر وفقًا للعرض والطلب دون تدخل مباشر من المركزي.

ورغم أن هذه السياسة تمنح السوق مرونة وقدرة على امتصاص الصدمات الخارجية، فإنها في المقابل تجعل الجنيه أكثر حساسية تجاه أي تغير في تدفقات النقد الأجنبي أو الأوضاع الإقليمية والعالمية.

ويعد خروج المستثمرين الأجانب في ظل سعر صرف مرتفع يُعد أمرًا إيجابيًا نسبيًا، إذ يحول دون تحقيق أرباح غير مبررة من فارق العملة، ويجبر المستثمرين على إعادة حساباتهم بشأن سحب استثمارات كبيرة دفعة واحدة، مما قد يخفف من حدة الخروج ويقلل من أثره على السوق.

أسباب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنية

الأموال الساخنة سلاح ذو حدين

تمثل الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة – أو ما يعرف بالأموال الساخنة – أحد أبرز مصادر النقد الأجنبي لمصر، إذ تسهم في دعم قيمة الجنيه حين تكون التدفقات إيجابية، بينما تخلق ضغطا شديدا على العملة المحلية عند حدوث موجات خروج.

وبحسب أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري، فقد جذبت مصر نحو 25 مليار دولار من الأموال الساخنة خلال الأشهر الماضية، ليصل إجمالي المحفظة إلى ما يزيد عن 38 مليار دولار حتى نهاية مارس 2025.

رغم أن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري قد يبدو انعكاسًا مباشرًا لتطورات آنية على الساحة الإقليمية، فإن المشهد الأوسع يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل السياسة النقدية وسوق الصرف في مصر، هل نشهد بداية موجة جديدة من الضغوط على العملة المحلية؟ وهل تستطيع الأسواق المصرية امتصاص تأثيرات خروج الأموال الساخنة دون تدخل مباشر؟.. كلها أسئلة تبقى مفتوحة في انتظار ما ستكشفه الأيام المقبلة من مؤشرات وقرارات قد تعيد ضبط المعادلة من جديد.