تراجع عالمي في إصدارات السندات الدولارية لأول مرة منذ 3 سنوات

كشفت بيانات حديثة من شركة «ديلوجيك» عن انخفاض حاد في إصدارات السندات السيادية المقومة بالدولار الأمريكي من قبل الحكومات خارج الولايات المتحدة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، في تحول ملحوظ يعكس تبدلات هيكلية في استراتيجيات التمويل الحكومي حول العالم.
وبحسب البيانات، تراجعت الإصدارات بنسبة 19% على أساس سنوي لتسجل 86.2 مليار دولار، وهو أول انخفاض من نوعه منذ عام 2021، حيث بدأت عدة دول في آسيا وأوروبا بالابتعاد عن أدوات الدين الدولارية لصالح أدوات مقومة بالعملات المحلية، في ظل تقلبات الدولار، وارتفاع العوائد على السندات الأميركية، وازدياد المخاوف بشأن الوضع المالي للولايات المتحدة.
وشهدت دول بارزة مثل كندا والسعودية تراجعاً في إصدارات السندات الدولارية بنسبة 31% و29% على التوالي، لتسجل 10.9 و11.9 مليار دولار. كما انخفضت إصدارات إسرائيل بنسبة 37% إلى 4.9 مليار دولار، وبولندا بنسبة 31% إلى 5.4 مليار دولار.
في المقابل، ارتفعت إصدارات السندات بالعملات المحلية عالمياً إلى أعلى مستوياتها في خمس سنوات، مسجلة 326 مليار دولار منذ بداية العام. ويرى محللون أن هذا الاتجاه مدعوم بتنامي الثقة في الأسواق المحلية وتراجع معدلات التضخم، مما دفع بعض البنوك المركزية – مثل الهند وإندونيسيا وتايلاند – إلى خفض أسعار الفائدة، وبالتالي تشجيع التمويل الداخلي.
وقال جوني تشين، مدير محفظة لدى شركة «ويليام بلير»، إن السوق الهندية شهدت تطوراً ملحوظاً بفضل إدراج الديون المحلية ضمن مؤشرات عالمية، ما أدى إلى توسيع قاعدة المستثمرين وزيادة جاذبية السندات المحلية.
وفي خطوة تعكس التحول المتسارع في مراكز التمويل، تتجه البرازيل إلى إصدار أول سنداتها السيادية المقومة باليوان الصيني، بعد زيارة الرئيس لولا دا سيلفا إلى بكين التي تمخضت عن اتفاقات استثمارية شاملة. وسجلت البرازيل تراجعاً بنسبة 44% في إصداراتها الدولارية، لتصل إلى 2.4 مليار دولار فقط منذ بداية العام.
كما جمعت السعودية نحو 2.25 مليار يورو من إصدار سندات مقومة باليورو، شملت أول شريحة من السندات الخضراء ضمن برنامجها العالمي متوسط الأجل، في مسعى منها لتنويع مصادر التمويل وتقليل الاعتماد على الدولار.
ورغم أن السندات المحلية غالباً ما تكون أقل سيولة من نظيرتها الدولارية، يرى كينيث أورشارد، رئيس قسم الدخل الثابت الدولي في شركة «تي رو برايس»، أن هذا التوجه سيقود إلى تدفق متزايد للاستثمارات العالمية في أدوات الدين المحلية، مدفوعاً بجاذبية العوائد وتنامي الاستقرار في السياسات النقدية المحلية.