طفرة في الصادرات الزراعية المصرية.. قصة نجاح عالمية تبدأ من الحقول إلى الأسواق الدولية

شهد القطاع الزراعي المصري طفرة استثنائية في الصادرات خلال السنوات الأخيرة، ليصبح أحد أهم القطاعات الاقتصادية التي تعزز مكانة مصر عالميًا.
ومن خلال استراتيجيات مبتكرة وجهود مكثفة، تحولت الحقول المصرية إلى مصدر قوة اقتصادية، حيث تصل المنتجات الزراعية المصرية إلى أكثر من 160 دولة.
ويستعرض هذا التقرير، من بانكير، أحدث الأرقام المتعلقة بالصادرات الزراعية لعام 2024 وبداية 2025، مع تسليط الضوء على العوامل التي ساهمت في هذا النجاح والتحديات المستقبلية، لتقديم صورة شاملة لقصة نجاح عالمية.
طفرة كبيرة في الصادرات الزراعية المصرية
ووفقًا لأحدث البيانات الرسمية، حققت الصادرات الزراعية المصرية خلال عام 2024 قفزة نوعية، حيث بلغت 8.6 مليون طن بقيمة 10.6 مليار دولار، بزيادة 1.2 مليون طن عن العام السابق.
وخلال الفترة من يناير إلى ديسمبر 2024، ارتفعت قيمة الصادرات بنسبة 9.3% لتصل إلى 4.13 مليار دولار مقارنة بـ3.78 مليار دولار في 2023، وفي الربع الأول من 2025، تجاوزت الصادرات 2.7 مليون طن، بقيمة تقارب 1.5 مليار دولار، بنسبة زيادة 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وتتصدر الموالح قائمة الصادرات بـ1.3 مليون طن، تليها البطاطس (982 ألف طن)، البصل (635 ألف طن)، والفاصوليا (300.7 مليون دولار).
وتشمل أبرز السلع التي شهدت نموًا ملحوظًا الفاصوليا الجافة بنسبة 123% (300.7 مليون دولار)، البرتقال بنسبة 17.3% (806.7 مليون دولار)، والأرز بنسبة 3467.1% (61.6 مليون دولار) خلال 2024.
كما سجلت صادرات الخميرة 20 مليون دولار، الملح 18 مليون دولار، والزيوت الأساسية 10 ملايين دولار في بداية 2025، وهذه الأرقام تعكس التنوع الكبير في المنتجات والطلب المتزايد عالميًا.
استراتيجيات النجاح
وساهمت عدة عوامل في تحقيق هذه الطفرة، أولها التوسع في مشروعات استصلاح الأراضي، مثل مشروع الدلتا الجديدة وتوشكى، زاد من الرقعة الزراعية ورفع الإنتاجية، وذلك إلى جانب تحسين منظومة الحجر الزراعي من خلال التكويد والتتبع، مما ضمن الالتزام بمعايير الجودة العالمية.
كما فتحت أسواق جديدة أمام الصادرات الزراعية المصرية، حيث تم إضافة 95 سوقًا دولية خلال العقد الماضي، بما في ذلك الصين، اليابان، ودول الاتحاد الأوروبي.
كما لعبت التكنولوجيا الزراعية دورًا حاسمًا، حيث أدى استخدام الزراعة الذكية والري الحديث إلى تحسين جودة المحاصيل وزيادة العائد، وعلى سبيل المثال، ساهمت 40 ألف صوبة زراعية في زيادة الإنتاج بمليوني طن سنويًا.
وإضافة إلى ذلك، دعمت السياسات الحكومية، مثل تخفيض قيمة الجنيه، في تعزيز التنافسية السعرية للمنتجات المصرية.

تنوع المنتجات وثقة عالمية
وتصدر مصر أكثر من 400 سلعة زراعية، تشمل الموالح، البطاطس، البصل، العنب، الفراولة، والتمور، وغيرها.
واحتلت مصر المركز الأول عالميًا في تصدير البرتقال والفراولة المجمدة لثلاث سنوات متتالية، في حين شهدت صادرات الفاصوليا نموًا بنسبة 154.8% في 2024، بينما ارتفعت صادرات المانجو بنسبة 30.3% (91.4 مليون دولار).
وهذا التنوع، إلى جانب الالتزام بمعايير السلامة الغذائية، عزز ثقة الأسواق الدولية، حيث تستحوذ الدول العربية على 2.3 مليون طن (1.3 مليار دولار) والكتلة الأوروبية على 1.6 مليون طن (990 مليون دولار).
تحديات وآفاق مستقبلية
وتواجه الصادرات الزراعية تحديات مثل ارتفاع تكاليف المدخلات الزراعية، تقلبات سلاسل التوريد العالمية، ونقص عمالة الحجر الزراعي، كما سجلت بعض المنتجات، مثل البصل والقطن، تراجعًا نسبيًا في 2024 بنسب 27.9% و5.5% على التوالي.
ولمواجهة ذلك، تعمل الحكومة على تطوير منظومة النقل السريع، إنشاء معامل موحدة بالمنافذ، ودعم المصدرين من خلال برامج تمويلية.
وتستهدف مصر زيادة الصادرات الزراعية إلى 100 مليار دولار سنويًا خلال العقد القادم، مع توقعات بتجاوز 9 ملايين طن في 2025، في حين تشير الخطط إلى تعزيز الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية وتوسيع الأسواق الأفريقية والآسيوية.
دور القيادة والمزارعين
تأتي هذه الإنجازات بدعم من القيادة السياسية، حيث وضع الرئيس عبد الفتاح السيسي الزراعة كأولوية وطنية، من خلال مشروعات مثل المليون ونصف فدان.
كما يظل المزارع المصري العمود الفقري لهذا النجاح، حيث ساهم التزامه بتوصيات الحجر الزراعي في تعزيز سمعة المنتجات المصرية عالميًا.
وتثبت الطفرة في الصادرات الزراعية المصرية أن مصر قادرة على تحويل مواردها الطبيعية إلى قوة اقتصادية عالمية.
ومع استمرار الاستثمار في البنية التحتية، التكنولوجيا، وفتح أسواق جديدة، تتجه مصر نحو تعزيز ريادتها كمركز عالمي للصادرات الزراعية، ومن الحقول إلى الأسواق الدولية، تظل هذه القصة رمزًا للطموح والإنجاز.