السبت 20 أبريل 2024
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
تحليل

الأحد الحاسم.. انقسام حول "ضرورة تخفيض" الجنيه بعد رفع الفائدة.. المؤيدون: شح الدولار أقوى الأسباب.. ومعارضون: الاستثمارات تغني عن التخفيض

السبت 01/أبريل/2023 - 11:38 م
الجنيه المصري
الجنيه المصري

بعد أن قام البنك المركزي المصري الخميس الماضي برفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس يتأهب السوق غداً لأول مرة رد فعل للجنيه المصري ، فهناك فريق يذهب إلى أن هناك خفضا للعملة المحلية وعلى الجانب الآخر، يتوقع خبراء آخرون عدم حدوث انخفاض قريب في قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، مشيرين إلى ضرورة توفير سيولة دولارية بالأسواق قبل التخفيض المحتمل، وهو ما قد ينتج الفترة القادمة عن برنامج الطروحات الحكومة.

يأتي ذلك بالتزامن مع وصول الدولار لمستويات قياسية أمام الجنيه بالسوق السوداء مقارنة بالسعر الرسمي.

رواية انخفاض الجنيه.. رفع الفائدة
تشير الأحداث التاريخية إلى أن رفع الفائدة في مصر قد لا يكون انعكاس فقط لمستويات التضخم المسجلة الشهر الماضي، بل للسيطرة أيضًا على الارتفاع المتوقع في الأسعار بعد تخفيض الجنيه الذي تتوقعه بنوك ومؤسسات دولية الفترة القادمة، والذي غالبًا ما يتزامن مع رفع الفائدة، ولذلك يربط البعض بين رفع الفائدة وتخفيض الجنيه.

بيد أنه ليس بالضرورة أن يتزامن انخفاض الجنيه مع رفع الفائدة، ولكن الأمر يحدث عندما تكون هناك أسباب واضحة تجعل من الضروري إجراء خفض بقيمة الجنيه، سواء كان ذلك بناءً على شروط صندوق النقد، أو لشح الدولار بالأسواق الناتج عن ارتفاع الطلب عليه وقلة المعروض، أو لأسباب تمويلية مختلفة.
يصبح أيضًا من الضروري إجراء تخفيض في قيمة الجنيه عندما تتسع الفجوة بين السعر الرسمي مع سعر السوق السوداء أو العقود الآجلة، إذ تشير هذه الفجوة أن هناك شح بالعملات الأجنبية، أو أن هناك مخاطر محيطة بالجنيه ترجح انخفاضه مستقبلاً لذلك تراهن العقود الآجلة على انخفاضه.

وقال بنك سوسيتيه جنرال، إنه مع تجاوز سعر الجنيه في العقود الآجلة غير القابلة للتسليم لمدة 12 شهرا 40 للدولار، فإن تخفيض قيمة الجنيه على نطاق واسع مسألة وقت.

ويعتقد بنك الاستثمار الأمريكي "مورجان ستانلي" أن السياسة النقدية وحدها لن تكون قادرة على إخراج مصر من أزمة النقد الأجنبي، مشيرًا إلى أهمية تسريع الخطط المتعلقة ببرنامج الخصخصة لتوفير سيولة الدولار ضمن برنامج الإصلاح الهيكلي بالتوازي مع سعر الصرف المرن.

ويتوقع مورجان ستانلي أن يظل الاقتصاد المصري حساسًا للصدمات العالمية، مما يسلط الضوء على أهمية وجود نظام سعر صرف مرن بشكل دائم ليكون قادرًا على امتصاص الصدمات واحتواء خسائر الاحتياطيات الأجنبية.

ونستنتج من هذا أن التراجع في قيمة الجنيه مسألة وقت، كما يشير العديد من الخبراء أيضًا، ولتقليل هذه الآثار يتم رفع الفائدة لتخفيف الآثار المحتملة بشأن ارتفاع الأسعار الناتجة عن انخفاض قيمة العملة، بجانب أيضًا تعويض الأفراد بفائدة مرتفعة نسبيًا لتقليل آثار التضخم عليهم.

رواية عدم انخفاض الجنيه.. رفع الفائدة
 

يعتبر البعض أن رفع الفائدة مجرد حل مؤقت. إذ يتزايد الضغط مرة أخرى على الجنيه بينما تتسابق مصر للعثور على استثمارات أجنبية لمعالجة فجوة التمويل الخارجي، بما في ذلك خطتها الطموحة لبيع حصص من شركات مملوكة للدولة، ولكن الأمر قد يختلف عندما يتم ملء هذه الفجوة عبر الطروحات الحكومية.

وفي الوقت نفسه، يتوقع بنك "جولدمان ساكس " أن يبلغ التضخم ذروته في الربع الثالث عند حوالي 36٪، مستبعدًا حدوث أي تخفيضات أخرى في قيمة العملة.

ويشير أيضًا بنك "BNP Paribas": "أنه لا جدوى في الوقت الراهن من خفض الجنيه، وقد ينتظر هذا الأمر لما بعد إجازات عيد الفطر، مع بدء تفعيل برنامج الطروحات الحكومية في البورصة، لأنه يجب رهن الخفض بزيادة وفرة الدولار في السوق المصري".

وأضاف البنك: أن الخفض سيسهل عودة دخول المستثمرين الأجانب في برنامج الطروحات الحكومية، لكن مستثمري المحافظ ليسوا في عجلة من أمرهم لدخول السوق المصري في الوقت الراهن، لأنه بحساب العائد على السندات المصرية بعد التحوط والضريبة، سيكون بالسالب لا بالموجب، ولا يعتقد أن رفع الفائدة بواقع 200 أو 300 نقطة أساس سيعيد الأجانب إلى سوق السندات المصرية في الأسابيع المقبلة".
وتوقعت وكالة "فيتش سوليوشنز" في وقت سابق، تسجيل سعر صرف الجنيه أمام الدولار 30 جنيهًا بنهاية العام الحالي، وذلك بعد أن ينخفض أمام الدولار إلى مستويات الـ 33 على المدى القصير خلال الأسابيع القادمة.

وأرجعت الوكالة ارتفاع الجنيه إلى مستويات الـ 30 بنهاية العام بعد انخفاضه إلى 33 إلى عدة عوامل أبرزها التقدم السريع في بيع الأصول المملوكة للدولة بحلول النصف الثاني من 2023، وزيادة تدفقات العملات الأجنبية، والتقارب بين سعر الصرف الرسمي ونظيره بالسوق الموازية.

وبالتالي تشير هذه الرواية إلى أن التخفيض قد لا يحدث قريبًا، بل قد ينتظر البنك المركزي حتى حدوث تقدم ملحوظ في بيع الأصول المملوكة للدولة لتوفير السيولة الدولارية التي ستحتاجها الأسواق بعد تخفيض العملة.

ولكن.. ماذا تخبرنا التجارب التاريخية؟
 

منذ أيام بدأ استحقاق شهادات الـ 18% التي أصدرها بنكا الأهلي المصرى ومصر قبل سنة، ما سيعيد مئات المليارات من الجنيهات إلى التداول مرة أخرى في الوقت الذي تعانى فيه البلاد من تضخم مرتفع وعملة متراجعة.

ويطرح عودة كل هذه الأموال مرة أخرى إلى أيدى المودعين التساؤلات حول البدائل التي يمكن أن تستوعبها مجددًا حتى لا تضيف أعباء جديدة إلى سوق فيها الكثير من السيولة بالفعل تنتشر فيها الدولرة.

وترى "فيتش سوليوشنز" البحثية أن هناك فرصًا لطرح شهادات مرتفعة العائد، إذا ما أراد البنك المركزي تهدئة وتيرة التشديد النقدى، وهو ما اتفق معه المحاضر في الجامعة الأمريكية، هاني جنينة.

ويرى جنينة، أنه من المفترض أن تطرح البنوك شهادات مرتفعة العائدة، بعد رفع الفائدة من المركزي، والبديل لذلك يكون تقييد كمى عبر وضع حدود على الاقراض، خاصة مع وصول التضخم للمستويات المرتفعة الحالية.

وعليه، يترقب عملاء القطاع المصرفي المصري إصدار البنوك شهادات ادخارية جديدة .