الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
تحليل

الجنيه المصري في مرمي نيران ” العقود الآجلة ".. فما هي؟!

الجمعة 24/مارس/2023 - 08:40 م
الجنيه المصري
الجنيه المصري

في ظل استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري إلى مستويات قياسية بالعقود الآجلة غير القابلة للتسليم، يتكاثر الحديث عن ماهية هذه العقود ومدى تأثيرها على الجنيه سواء خلال هذه الفترة أو حتى في المستقبل.

وفي الوقت نفسه، وصل الدولار إلى أعلى مستوياته في السوق الموازية، نتيجة لارتفاع الطلب على العملة الأميركية ونقص المعروض منها في الأسواق، مع عودة أزمة تباطؤ الإفراجات الجمركية، وتكدس البضائع في الموانئ المصرية، ولجوء شريحة كبيرة من المستوردين إلى السوق الموازية للعملة لتدبير الدولار، وهي الأسباب التي دفعت بنوك ومؤسسات دولية مثل بنك "HSBC" إلى توقعه تراجع الجنيه إلى مستويات الـ 40 أمام الدولار.


وعلى الجانب الآخر، تترقب الأسواق اجتماع المركزي المصري نهاية الأسبوع المقبل بشأن تسعير الفائدة. في ظل مواصل الجنيه استقراره في سوق الصرف الرسمية، ليسجل بنهاية تعاملات أمس 30.84 للشراء، و30.95 للبيع، وفقًا لبيانات المركزي المصري.

العقود الآجلة.. ما هي؟ وهل تشير إلى تراجع الجنيه؟

منذ أيام واصلت العقود الآجلة غير القابلة للتسليم للجنيه المصري تراجعاتها القوية من جديد. حيث تخطت حاجز الـ 40 جنيه مقابل الدولار لأجل 12 شهرًا، وفقًا لبيانات وكالة "بلومبرغ".

والعقود الآجلة هي عقود تتم بين طرفين، حيث يضع كل طرف رهانه في هذا العقد على السعر الذي سيصل إليه الجنيه بعد عام من الآن - إذا كانت لأجل 12 شهرًا-، ولهذه السبب سميت آجلة أي لا تحدث عاجلاً. فعلى سبيل المثال، إذا اشتريت جنيه بعقد آجل لمدة سنة بسعر 40 جنيه للدولار الواحد، وبعد مرور هذه السنة إذا كان سعر الدولار 50 جنيهًا ستحقق ربحًا كبيرًا، أما إذا ظل كما هو أو انخفض دون الـ 40 فلن تحقق أي أرباح. وبالتالي إذا توقعت هذه العقود ارتفاعًا بالدولار يدل ذلك على أن هناك مخاطر تحيط بالجنيه المصري، والعكس صحيح. 
ولكن الجدير بالذكر في هذا الإطار، أننا نتحدث هنا في حالة الجنيه المصري عن عقود آجلة غير قابلة للتسليم، والتي تعتبر مجرد أداة تستخدم عموما للتحوط أو المضاربة على العملات عندما تزيد ضوابط الصرف من صعوبة تداول الأجانب في السوق الفورية مباشرة. حيث يختلف العقد الآجل غير القابل للتسليم عن العقد الآجل العادي في أنه لا توجد تسوية فعلية للعمليتين عند حلول موعد الاستحقاق.
وغالبًا تقوم البنوك الاستثمارية كبرى وصناديق التحوط العالمية باستخدام العقود الآجلة وتتداولها منصات إلكترونية دولية، حيث يتم استخدامها عندما تواجه عملة ما تقلبات في أسعارها، حيث يتم وضع سعرًا مستقبيليًا متفق عليه بين الطرفين يحمي من خلاله المستثمر أرباحه واستثماراته. ويحدث ذلك غالبًا بالعملات غير المحررة بشكل كامل، حيث تتعرض دائمًا لتقلبات بفعل الفجوة بين السعر الرسمي والسعر بالسوق الموازية، بجانب أنها تعد مؤشرًا على سعر العملة في المستقبل، وذلك على وقع أن المضاربات على ارتفاعها في المستقبل تكون مبنية على مخاطر تحيط بهذه العملة. وغالبًا ما يحتاج البنك المركزي إلى سد الفجوة بين السعر الرسمي والآجل لمنع المضاربات على العملة.

وفي الوقت نفسه، دائمًا ما تتسع الفجوة بين السعر الرسمي والعقود الآجلة في أوقات الأزمات أو الضغوطات التي يشهدها الاقتصاد المصري بفعل شح العملة وهروب الأموال الساخنة، وهو ما حدث في مارس وأكتوبر من العام الماضي، ويناير هذا العام، مما استدعى تخفيضًا جديدًا بقيمة الجنيه لتقليل الفجوة بين السعر الرسمي والسعر بالسوق السوداء، خاصة بعد أن راهنت الأسواق على انخفاض الجنيه بالعقود الآجلة في مدى 12 شهرًا.

3 أسباب لانخفاض الجنيه بالعقود الآجلة

قال الخبير المصرفي المصري، محمد عبد العال، وفقًا لصحف محلية: "إن ارتفاع سعر العقود الآجلة للجنيه أمام الدولار يرجع إلى 3 أسباب تتعلق بحالة عدم اليقين بشأن سعر صرف الجنيه المستقبلي، وكذلك سعر الفائدة الحالي المطبق على الجنيه والدولار.

وبحسب عبد العال، يصب ارتفاع تكلفة المخاطر الاقتصادية العالمية يصب في صالح الدولار مقارنة بأي عملة في الأسواق الناشئة ومنها مصر.

أوضح عبد العال أن حالة عدم اليقين بشأن صعوبة تحديد المراقبين لزيادة سعر الفائدة التي سيقررها الاحتياطي الفيدرالي على الدولار، وكذلك صعوبة توقع اتجاه لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي لرفع سعر الفائدة في اجتماعه المقبل 30 مارس الجاري أو في اجتماع استثنائي انعكس على زيادة مخاطر تذبذب سعر الجنيه أمام الدولار باعتباره من أحد العوامل التي تؤخذ في الحسبان عند تحديد قيمة الجنيه.

أما السبب الثالث، وفق عبد العال، هو صعوبة إيجاد عارضين من البنوك المراسلة خارج مصر للموافقة على إتمام عقود آجلة للدولار في ظل حالة عدم اليقين القائمة حالياً.

وأضاف أيضًا: "أن زيادة تكلفة تأمين العقود الآجلة للجنيه لن تؤثر مباشرة على سعر الجنيه، لكنها مؤشر بشأن مخاطر سعر صرف الجنيه الحالي ولفترة زمنية مستقبلية محددة ليس بشرط أن تتحقق، ولكن يتم تأمين التاجر من خلالها في حالة وجود مخاطر متوقعة بشأن السعر المستقبلي".

اجتماع المركزي المصري

أشار تقرير بنك "HSBC" الصادر يوم الأربعاء إلى أن التراجع في سعر صرف العملة المحلية سيضيف أعباءً إضافية إلى الأسعار المرتفعة بالفعل، ومن الممكن أن يرفع معدل التضخم فوق 40% خلال أشهر الصيف.

ويتوقع البنك أن يقوم البنك المركزي بزيادة أسعار الفائدة بـ 300 نقطة أساس، وهو ما يؤثر سلباً على معدلات النمو التي تعاني بالفعل بسبب تراجع المعنويات وهبوط الدخل الحقيقي، كما سيضيف ضغوطاً على التمويل العام، مما يؤخر الاستقرار في معدلات الدين المرتفعة بالفعل.

واتجه البنك المركزي المصري للتشديد النقدي في مواجهة ارتفاع معدلات التضخم محلياً، حيث قرر رفع الأسعار بنحو 8% خلال عام 2022، متماشياً مع التوجهات العالمية نحو تشديد السياسات النقدية، فيما تعد الزيادة الأكبر في تاريخ البنك المركزي المصري خلال عام.