الجمعة 03 مايو 2024
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
تحليل

لماذا يهتم المصريون بمتابعة الأزمة دون البحث عن حلول لها ؟

الجمعة 09/ديسمبر/2022 - 02:15 ص
التعامل مع الأزمات
التعامل مع الأزمات

منذ بداية الربع الثاني من العام 2020 وحتى لحظة كتابة هذا الموضوع، تعرضت مصر لسلسة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، بدأت بانتشار جائحة كورونا في فبراير من العام نفسه، وحتى اندلاع الحرب الروسية في نهاية فبراير من العام الحالي، وكأننا دخلنا إلى دوامة من الأزمات كلما تخففنا من واحدة تعثرنا بأخرى، ونهايتها أزمة ارتفاع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار وفقده لنسبة كبيرة من قيمته، وما ترتب عليه غلاء في كافة السلع والخدمات وتأثر كافة جوانب الحياة به خاصة التعويم الأخير في نهاية أكتوبر الماضي.

 

ووسط كل هذه الأزمات كان المواطن المصري يتخذ مقعده الثابت "كرسي المتفرج"  المتابع من بعيد والمتذمر والرافض لكل ما يتابعه ويشاهده أو يسمعه، حتى باتت مصر تعاني من غياب الرؤية الواضحة التي يمكن من خلالها التعامل مع الأزمة في حال تكرارها، ويرى بعض الخبراء في إدارة الأزمات أن السبب الرئيسي في ذلك هو عدم السعي لإعلاء مصلحة مصر على المصالح الخاصة، فوسط ألف شخص يحاول إشعال وقود الأزمة وتأليب الرأي العام تجد شخصا أو اثنين يبحثان عن حلول جذرية وحقيقية لتلك الأزمة!

التعايش مع الأزمة

بمرور الوقت وخاصة بعد إندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير التي يرجع العديد من الخبراء والمثقفين أنها صاحبة الدور الأقوى في تحول الثقافة المصرية حيال التعامل مع الأزمات، نظرا لمروره بثورة أخرى وعبور مرحلة صعبة في ظل حكم جماعة الإخوان لمدة عام كامل، وما تلاه من أزمات اقتصادية مستوردة من الخارج خلفتها جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية وتعطل سلاسل الإمداد الغذائي.

وبالتدريج تحولت الثقافة المصرية إلى ترسيخ ضارب بجذوره للتعايش مع الأزمة وما تفرزه أن تخلفه، ما أدى إلى تفاقمها وتغولها بصورة كبيرة وغياب التعاون والانسياق وراء الشائعات التي تطلقها مواقع التواصل الاجتماعية المختلفة فأصبح السبق لمن ينشر الخير "المطرقع" والصاخب أسرع من غيره دون الالتفات لما قد يعقبه ولتبعياته على العقل الجمعي داخل المجتمع.

حلول أم مسكنات

حينما نصطدم بأزمة أو مشكلة ما خاصة الأزمات الاقتصادية التي تتلامس مباشرة مع الحياة اليومية في السلع التي نشتريها من السوبر ماركت والخضروات والفاكهة من الأسواق، وغيرها من الأمور التي تذكرنا بأننا في أزمة ننظر إليها من بعيد دون أن نفكر في حل لها، ويقول أحد الباحث العراقي علاء الصافي في دراسة بحثية له إن هذا الأمر ينبع من أن الحلول التي نتوصل إليها عادة ما تكون حلول مؤقتة لا تحقق الحد الأدنى من النجاة والاستقرار.

 

الجهل بتجارب السابقين وعدم التعلم من الأخطاء الماضية يعد أحد الأسباب التي دفعت بالمواطن المصري بأن يظل في موقعه الثابت موقع المشاهد الذي ينتظر دائما طرف آخر يحل له أزماته، ففي أي مجلس تتواجد به تجد الجالسين يلقون اللوم على الحكومة أو على الخبراء أو اي طرف ثالث غيرهم، ينتظرون منه أن يأتي بالحل لتنتهي الأزمة دون المشاركة الفعالة منهم للقيام بذلك.

وعدم مطالعة تجارب السابقين هو السبب في ذلك، فلو كلف كل شخص نفسه بأن يراجع الأزمات المشابهة في دول أخرى وكيف تعامل معها سكان تلك الدولة حتى تخلصوا منها، تعد هذه الخطوة هي الأولى لمواجهة أي أزمة والخروج منها بأفضل الطرق، فالمثل المصري الشهير يقول "اسأل مجرب" ولكن يبدو أن المصريين يرقضون تطبيقه فيما يتعلق بالأزمات التي تواجههم فالحل الأسهل هو كتابة منشور على أي من مواقع التواصل الاجتماعية لتفريغ الكبت أو الغضب، كحل سريع وغير مكلف ومرهق له.

 

المشاركة في صناعة الحل هي الحل 

على كل شخص أن يعي بأن الحياة بذاتها هي أزمة كبرى ووجودنا بها هو سبب اختلاقها فنحن لم نولد في الجنة ولكن خلقنا على أرض تعج بالأزمات والمشكلات ولذلك، مشاهدة الأزمة من بعيد التذمر لن يجدي ولم يصل بنا إلى الحل، وهذا ما يتفق عليه الكثير من خبراء إدارة الأزمات والمثقفين أن التحرك والمشاركة في صناعة القرار والبحث عن حلول ليس دور الحكومة وصانعي القرار فقط ولكن دور كل مواطن على هذه الأرض.