الإثنين 06 مايو 2024
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
تحليل

عقدة التريليونات الضائعة في التسعينات.. سر هروب اليابانيين من الاستثمار في الأوراق المالية

الإثنين 10/أكتوبر/2022 - 08:51 م
بانكير

 

أصبح التشكك في الاستثمار المالي راسخاً في ثالث أكبر اقتصاد بالعالم، لدرجة أن بنك الاستثمار "نومورا هولدينغز" يدرس الأساسيات الاقتصادية في المدارس الثانوية لكسب تأييد الجيل القادم.

ما يقرب من ثمانية من كل عشرة يابانيين لم يستثمروا أبداً في الأوراق المالية، بحسب مجموعة ضغط من الوسطاء في البلاد. تمثل الأوراق المالية والاستثمارات 16% فقط من الأصول المالية للأسر البالغ قيمتها 2 كوادريليون ين، مقارنة بـ 56% في الولايات المتحدة.

كانت فقاعة أسعار الأصول سببا في محو تريليونات الدولارات من الثروات في اليابان في  عندما انفجرت في أوائل التسعينيات، مما خلق جيلاً يعتقد أن الأسهم لن تتجه سوى للانخفاض. بدلاً من ذلك، احتفظت الغالبية العظمى من الناس بمعظم ثرواتهم نقدية على مدى عقود، مما حرم الكثيرين من الاستفادة من طفرة في الأسهم العالمية في الأعوام التي أعقبت الأزمة المالية العالمية لعام 2008.

رئيس الوزراء فوميو كيشيدا أعلن أن حكومته تستهدف مضاعفة دخل المواطنين اليابانيين باستخدام أصولهم، بالتالي تشجيع المواطنين على تحويل المزيد من مدخراتهم إلى استثمارات، يمكن أن يصبح التثقيف المالي جزءاً أساسياً من خطة الحكومة نظراً لرأي مفاده أن التمتع بالمعرفة الصحيحة ضروري لإدارة الأصول بشكل جيد.

في أبريل الماضي، ألزمت اليابان المدارس الثانوية بتدريس الموضوعات المالية، مثل الاستثمار في الأسهم والسندات، كجزء من دورة التدبير المنزلي.

كان لدى القطاع المالي أفكاراً مختلفة، فعلى سبيل المثال اقترح سيجي ناكاتا، الرئيس التنفيذي لمجموعة "دايوا سيكيوريتيز غروب" (Daiwa Securities Group) جعل المالية جزءاً من امتحان القبول.

من المقرر أن تستفيد شركات الوساطة أيضاً من التركيز على التثقيف المالي، خاصة أن الأجيال الشابة، تتجه بشكل متزايد إلى التطبيقات المستخدمة عبر شبكات الإنترنت والتي تفرض رسوماً أقل نظير تداول الأسهم.

في فصل دراسي أقيم في بداية هذا الصيف ودرسه يوكي ساتو، موظف في "نومورا هولدينغز"، قام طلاب الصف الأول للمرحلة الثانوية في مدينة ساكاي، بالقرب من أوساكا في جنوب اليابان، بملء بيان مالي لحساب مقدار المال المطلوب للتخطيط لمستقبلهم.

أوضح ساتو أهمية إدارة الدخل والإنفاق لمن هم في عمر الـ16 عاماً، شملت الدورة التي قدمها ممثل أكبر شركة وساطة مالية في البلاد أيضاً تغطية الاستعداد المالي للزواج والولادة والتعليم والأحداث الأخرى التي قد تكون مكلفة في المستقبل.

ثمة مؤشرات على أن جيل الشباب في اليابان أكثر حماساً للاستثمار من آبائهم وأمهاتهم.
و في وحدة الوساطة المالية التابعة لشركة "إس بي أي سيكيوريتيز" (SBI Securities)، ارتفع عدد الحسابات المفتوحة من قبل من هم في عمر 18 عاماً بمقدار 1600 في أبريل الماضي، وهو ارتفاع حاد عن المتوسط البالغ 130 حساب تقريباً في الأشهر السابقة. وظلت وتيرة النمو تقدر بنحو 1000 حساب شهرياً منذ ذلك الحين.

مع ذلك، ليس هناك تعاونا وثيقا بين الجهات الفاعلة الرئيسية في مجال التثقيف المالي. حيث تبذل "نومورا" وشركات القطاع الخاص الأخرى جهود فردية، مثل إرسال المحاضرين إلى المدارس، بينما يعمل كل من بنك اليابان ووكالة الخدمات المالية ووزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة والمكتب الحكومي المسؤول عن حماية المستهلك بشكل منفصل.

قال هاروهيرو ناكانو، الرئيس التنفيذي لشركة "سايسون أسيت مانجمنت" (Saison Asset Management)، إن كل مؤسسة بإمكانها فعل الكثير، بينما لا توجد معايير موحدة لضمان جودة المعلومات.

يعتقد سبعة تقريباً من كل عشرة يابانيين أن الاستثمار في الأوراق المالية غير ضروري، وفقاً لمسح أجرته رابطة تجار الأوراق المالية اليابانية.

تدرس ساتسوكي كاتاياما، المشرعة عن الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، تقديم تشريع إلى البرلمان الياباني العام المقبل لتعزيز عملية التثقيف المالي.
تأتي الدول الأخرى في المقدمة بالفعل، فقد أنشأت الولايات المتحدة لجنة محو الأمية المالية والتعليم في عام 2003، والتي يشارك فيها نحو 20 إدارة ووكالة حكومية.

تعتقد كاتاياما أنه من الأفضل أن تقود المنظمات "المحايدة" هذا التحول، في ظل تقديم العديد من البنوك وشركات الوساطة للمشورة بهدف الربح. 
يمكن أن يدور أحد الخيارات حول إنشاء منظمة تابعة لجهة خارجية تحت إشراف المنظم المالي للبلاد للإشراف على عملية التثقيف المالي وجعل الوزارات والوكالات المختصة تتحقق من عملها بجانب وضع القواعد.

قالت ريكو كوميدا، التي تُدرس التدبير المنزلي في المدرسة الثانوية، إن "الطلاب صادقون وأبرياء، وأعتقد أنه من المهم بالنسبة لنا أن نعلمهم من وجهة نظر خالية من الانحياز".