البنك العربي الأفريقي الدولي.. تراجع الحضور وفقدان المنافسة بعد مرحلة الريادة
كان البنك العربي الأفريقي الدولي لسنوات طويلة أحد أبرز البنوك الخاصة في السوق المصرفية المصرية، وتمتع بمكانة قوية جعلته منافسًا مباشرًا لكبرى البنوك المحلية والدولية.
وبلغ هذا الزخم ذروته خلال فترة رئاسة حسن عبد الله، التي اتسمت برؤية واضحة، وسرعة في اتخاذ القرار، وقدرة على مواكبة المتغيرات المصرفية والتكنولوجية، ما انعكس إيجابًا على الأداء، وانتشار الخدمات، وجاذبية البنك للكفاءات المصرفية.
إلا أن المشهد تغير تدريجيًا بعد رحيل حسن عبدالله، حيث بدأ البنك يفقد جزءًا كبيرًا من بريقه التنافسي، ومع تسارع وتيرة التطوير داخل القطاع المصرفي المصري، خاصة على مستوى التحول الرقمي، وتحديث المنتجات، وتحسين تجربة العملاء، بدا البنك العربي الأفريقي أقل قدرة على مجاراة هذه التحولات مقارنة ببنوك أخرى استطاعت أن تعيد ابتكار نفسها بسرعة وكفاءة.
أحد أبرز مظاهر هذا التراجع يتمثل في بطء تطوير الخدمات المصرفية، سواء الرقمية أو التقليدية، حيث اشتكى عملاء من محدودية التحديث في التطبيقات البنكية، وتأخر إطلاق منتجات جديدة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من السوق، في وقت أصبحت فيه المنافسة قائمة على الابتكار وسهولة الوصول وسرعة التنفيذ، وهذا البطء أفقد البنك جزءًا من قدرته على جذب عملاء جدد، والحفاظ على عملائه الحاليين.
وعلى الصعيد الداخلي، تشير مؤشرات عديدة إلى حالة من عدم الرضا بين عدد من القيادات والكوادر المصرفية داخل البنك، حيث غادره خلال السنوات الأخيرة عدد من الأسماء البارزة، بحثًا عن بيئات عمل أكثر ديناميكية وتطورًا.
ويُعزى ذلك إلى غياب رؤية واضحة للتطوير المؤسسي، وضعف الاستثمار في العنصر البشري، وعدم إتاحة مسارات مهنية محفزة تواكب طموحات القيادات الشابة والمتوسطة.
كما تأثر الحضور المؤسسي للبنك في السوق، سواء من حيث الحملات التسويقية، أو المبادرات المجتمعية، أو الشراكات الاستراتيجية، مقارنة ببنوك استطاعت تعزيز علامتها التجارية وربطها بالحداثة والابتكار وهذا التراجع في الصورة الذهنية زاد من فجوة المنافسة، خاصة في سوق يشهد توسعًا قويًا من بنوك محلية وإقليمية.
ويقف البنك العربي الأفريقي الدولي اليوم أمام مفترق طرق حقيقي، فإما أن يعيد بناء استراتيجيته على أسس التطوير والتحديث واستعادة الكفاءات، أو يستمر في فقدان موقعه التدريجي داخل سوق لا يعترف إلا بالمؤسسات القادرة على التجدد والعودة إلى المنافسة لا تزال ممكنة، لكنها تتطلب قرارات جريئة، ورؤية إدارية واضحة، وإيمانًا حقيقيًا بأن ما كان ناجحًا في الماضي لم يعد كافيًا لصناعة المستقبل.
