مجلس الاستقرار المالي: «ثغرات خطيرة» تهدد تنظيم أسواق العملات المشفرة عالميًا

حذر مجلس الاستقرار المالي (FSB)، الذراع الرقابي لمجموعة العشرين، من وجود «ثغرات خطيرة» في تنظيم أسواق العملات المشفّرة والأصول الرقمية، مؤكدًا أن هذه الثغرات تمثل تهديدًا متناميًا للاستقرار المالي العالمي في ظل النمو السريع لهذه الأسواق وتزايد ارتباطها بالأنظمة المالية التقليدية.

وأوضح المجلس، الذي يتخذ من برن بسويسرا مقرًا له، في تقريره الصادر اليوم الأربعاء، أن غالبية الدول الأعضاء في مجموعة العشرين لم تستكمل بعد تطبيق الأطر التنظيمية الكاملة التي تتماشى مع المعايير الدولية المعتمدة لتنظيم العملات المشفرة ومقدمي الخدمات المرتبطين بها. وأضاف أن غياب التنسيق والاتساق بين التشريعات الوطنية قد يفتح الباب أمام التحايل التنظيمي والأنشطة غير المشروعة.

اتفاق مصري هندي على إنشاء غرفة تجارة مشتركة لزيادة الاستثمارات

محمود عصمت: نسعى لتوطين صناعة مهمات الطاقة الشمسية والرياح وتعزيز كفاءة الشبكة

وأشار التقرير إلى أن الأسواق الرقمية شهدت توسعًا هائلًا في السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت القيمة السوقية العالمية للأصول المشفرة 1.8 تريليون دولار، مدفوعة بزيادة الطلب على أدوات الاستثمار الرقمي، وتوسع الشركات في تبني تقنيات البلوك تشين، واستخدام الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)، ومنتجات التمويل اللامركزي (DeFi). إلا أن المجلس شدد على أن هذا النمو السريع لم يقابله مستوى كافٍ من الضوابط التنظيمية، ما يجعل الأسواق عرضة لتقلبات حادة ومخاطر هيكلية.

وبيّن مجلس الاستقرار المالي أن مراجعاته الأخيرة لسياسات الدول كشفت عن تفاوت كبير في تطبيق القواعد التنظيمية الخاصة بالترخيص والإشراف والإفصاح المالي، مشيرًا إلى أن بعض الدول تفتقر إلى الأطر القانونية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مجال الأصول المشفرة، بينما تطبق دول أخرى معايير متقدمة ولكنها لا تشمل كل مقدمي الخدمات.

ودعا المجلس إلى تسريع تنفيذ المعايير الدولية التي تم اعتمادها العام الماضي من قِبل مجموعة العشرين، والتي تهدف إلى ضمان الشفافية، وتعزيز الإفصاح، وحماية المستثمرين، والحد من مخاطر العدوى المالية بين القطاعين التقليدي والرقمي. كما شدد على ضرورة تبادل المعلومات بين الهيئات الرقابية عبر الحدود لتفادي استخدام الثغرات التنظيمية في عمليات المضاربة أو التهرب من القوانين.

وحذّر التقرير من أن تنامي الارتباط بين الأصول المشفرة والمؤسسات المالية التقليدية، بما في ذلك البنوك وصناديق الاستثمار، قد يؤدي إلى مضاعفة أثر الصدمات السوقية، مشيرًا إلى أن الانهيارات السابقة في بعض منصات التداول الرقمية تُعد إنذارًا مبكرًا لما يمكن أن يحدث على نطاق أوسع إذا لم تُعالج هذه الفجوات التنظيمية.

كما أكد المجلس أنه سيواصل العمل مع صندوق النقد الدولي (IMF) ومجلس بازل للرقابة المصرفية (BCBS) والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (IOSCO) لتنسيق الجهود العالمية ووضع خريطة طريق موحدة لتطبيق القواعد التنظيمية على جميع أشكال الأصول المشفرة، بما يضمن حماية الأسواق والمستهلكين على حد سواء.

واختتم مجلس الاستقرار المالي تقريره بالتأكيد على أن تحقيق استقرار طويل الأمد في قطاع العملات المشفرة يتطلب تعاونًا دوليًا حقيقيًا، وتنفيذًا سريعًا وفعالًا للمعايير التنظيمية المتفق عليها، لضمان بقاء الابتكار المالي ضمن إطار آمن ومستدام يحمي الاقتصاد العالمي من المخاطر النظامية.