عمرو عامر يكتب.. لماذا يحاربون السيسي؟

لم يختبر رئيس في قوميته العربية ووطنيته المصرية وفي مواجهة مخاطر وجودية ومؤامرات وحدود ملتهبة من كل الاتجاهات كما اختبر الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكأن العناية الإلهية اختارته وحضّرته لأيام ثقال تحتاج عزم الرجال وجرأة الأسود وهدوء التماسيح وذكاء الثعالب وحدة نظر الصقور.
قد يسلم قائل أن مايحدث اليوم في المنطقة من مخططات التقسيم والتهجير وفرض واقع جديد (دول مفتتة وهزيلة ومتناحرة وجغرافية لا محل فيها لإعراب فلسطين) «وليد الصدفة» أو نتاج ما حدث في 7 أكتوبر 2023 لكن الحقيقة أبعد وأعمق من ذلك بكثير فالأمر يعود لثورات ما سمي الربيع العربي، قبل 15 عاما من الآن حينما خطت الأجهزة العالمية والصهيونية الدولية مخططا لتقسيم العالم العربي وتفتيته وزرعت فيه الميليشيات المسلحة بداية من داعش وأخواتها واستدعت في مصر تنظيم خائن لا يمت للمصريين بصلة ونجحت في مخططها وغرقت سوريا وليبيا وتونس والسودان والعراق في مستنقع السقوط الحر ونجت مصر بأعجوبة بفضل رجل واحد ساقه القدر اسمه الفريق أول عبد الفتاح السيسي القادم من عالم المخابرات.
سابق الرئيس السيسي الزمن بعدما استدعاه المصريين للحكم وإنقاذ البلاد من براثن تنظيم رهن الوطن لحفنة مرتزقة وسرب وثائق البلاد لمخابرات عميلة وهتك أمن المصريين بإرهاب أسود.. لخص السيسي أيدلوجيته في الحكم ومهمته الجديدة في كلمة واحدة «العفي محدش يقدر ياكل لقمته» و«لا نملك رفاهية الوقت» و«لن نعاير بعد اليوم بفقرنا» و«مصر يجب أن تكون في المكان الذي تستحقه».. وقتها اعتقد البعض أن تلك وعودا رئاسية ربما يصعب تحقيقها كلها أو جلها لكن الرئيس لم يكن في نيته تقديم وعود على قدر ما كان قسما وعهدا بينه وبين ربه أولا وبينه وشعبه ثانيا.. أقسم السيسي أن تعيش مصر كما تستحق (رائدة - قوية - عفية - عتية - عنيدة - منيعة - كبيرة- عظمى - فوق الجميع - زعيمة للإقليم - قادرة على خط الخطوط الحمراء - لديها من القوة لتقول «لأ» وقتما شاءت و«نعم» حينما تريد.
لم يهدر الرئيس وقتا ولم يسمح بإضاعة الفرص ولم يعرف النوم ودشن أعظم خطة تنمية في تاريخ مصر منذ نشأتها من آلاف السنين، وأنشأ أقوى بنية تحتية في العالم كلفت أكثر من 10 تريليونات جنيه، صارت حديث العالم وانبهر الجميع من حجم وسرعة الإنجاز مع الجودة، أسس السيسي شبكة الطرق والموانيء العملاقة والمحاور الاستراتيحية للتجارة واستهل عهد التنمية بمشروع قناة السويس الجديدة، وجمع حوله المصريين وعاد الأمل للناس في إمكانية النهوض، سنوات قليلة وبانت ملامح عرق الرجال وجهد واحترافية القيادة بدأت مصر تتحول شيئا فشيئا لدولة جديدة وجمهورية حديثة، قامت على أكتاف البنية الأساسية، ورويدا رويدا تحولت مصر إلى مراكز عالمية للتجارة والموانيء والطاقة والتداولات والتصنيع والتصدير.. هنا بدأ قلق الأعدء يتزايد وتحركت الأحقاد.. كيف لمصر أن تقوى وتكبر في سنوات قليلة لم تشهد أمة نهضة في تاريخها في هذا الوقت القياسي وإذا كان السيسي قد بنى دولة جديدة قوية اقتصاديا وعسكريا وتجاريا وسكانيا وأضاف لها مفاتيح قوة جديدة وغير مسبوقة وجعل لها أنيابا بحرية ومراكز مالية.. لدرجة أن أكبر المؤسسات المالية الدولية توقعت أن تنضم مصر لقائمة أكبر وأقوى عشر اقتصاديات في العالم.. إذا كان السيسي فعل ذلك في أقل من 10 سنوات فماذا يمكنه أن يفعل في السنين القادمة.. هنا مربط الفرس وهنا تتكشف الأسباب الحقيقية لمحاولات خنق مصر المستميتة وإعادتها للخلف ألف مرة..
السيسي قلب السحر على الساحر وحول مؤامراتهم لإنجازات وحقدهم لقوة دفع لبناء مصر، لم يعرف العالم رئيسا في جرأة السيسي شاء من شاء وأبى من أبى، لم يضع المصريين ثقتهم في قائد كما فعلوا مع الرئيس السيسي بداية من التفويض الشعبي على بياض حتى اليوم.. ألم تتسائل يوما لماذا حملات الهجوم تصب حممها بالذات على الرئيس السيسي هذه الأيام تحديدا من بين رؤساء المنطقة والعالم العربي؟! .. سنخبرك في عجالة.. مصر حينما كانت في أضعف حالاتها على مر التاريخ خرج الرئيس السيسي في أحاديث من المستقبل يتحدث عن مشروعات وقوة اقتصادية ومالية وبنية تحتية تحتاج لتريليونات الجنيهات.. وقتها روجت السوشيال ميديا المضادة أنها أضغاث أحلام ووعود زائفة للاستهلاك المحلي واللعب على وتر الجماهير.. ظنوه رئيسا يهوى الحديث.. لكن غرهم هدوئه وحارت الأسباب في ثقته وثباته وتفاؤله.. بينما اعتبر البعض أن ما يقوله الرئيس بعيدا عن الواقع حتى لو خلصت النوايا وقد كانوا محقين وفق المشهد على الأرض وقتها فالبلاد على وشك الإفلاس المالي.. كل شيء مجمد اقتصاديا سياحة واستثمار وإنفاق وتصدير، وملايين المصريين في حاجة لاستكمال حياتهم الطبيعية بعد أن أنهكتهم الثورة المصطنعة في غرف صربيا والعواصم الغربية، وسنة كبيرة مرت عليهم كأنها دهر كامل..
سنخبرك.. أن اليوم مصر نمرا اقتصاديا في المنطقة وقريبا ستكون قائدة لاقتصاديات العالم بلغة الأرقام والتقارير الدولية، هزمت مصر الدولار والإخوان وأجهضت مخطط تهجير الفلسطينين ولوحت بالقوة إذا ما هددت حدود مصر رسمت الخطوط الحمراء لم يجرأ أحد على تجاوزها ومن يختبر قوة جيش مصر التي بناها السيسي في سنوات حكمه الأولى وكأنه يقرأ المستقبل من كتاب مفتوح ويعرف تفاصيل المؤامرة وأبعادها منذ يناير 2011، ولم توقفه ظروف دولية معقدة عن بناء المدن والمصانع واللوجستيات واستصلاح ملايين الأفدنة وفي ذروة معانأة العالم من التضخم والتعريفات الجمركية والأزمات الاقتصادية كانت مصر تشيد المشروعات العملاقة وكأن السيسي يسابق شيئا خفيا قد يحدث شيئا رفض الإفصاح عنه في أكتوبر 2023 خلال كلمته في مؤتمر حكاية وطن وقاطع الفريق كامل الوزير قائلا له “مش هستني 2030 ومشروعات الموانيء تخلص 2025” وصمت الرئيس ثوان ثم استكمل "فيه حاجات مش هقدر أقولها".. وكأن الرئيس كان يريد وقتها أن يخبرنا أن أهل الشر لن يتركونا نبني الجمهورية الجديدة في سلام لأن هناك مخططا يحاك للمنطقة وجاهز على التنفيذ كان الرئيس على علم به بفعل عمله المخابراتي السابق وقدرته على التحليل والتوقع وربط النتائج بالمعطيات.
من الأسباب التي حركت الغيرة والحقد تجاه مصر ورئيسها ما ذكرته ديلي نيوز البريطانية هذا الأسبوع صدر عنها تقرير يقول إن السيسي نقل مصر من دول فقيرة تستورد لعب أطفال من الصين إلى دولة كبرى تصنع الطائرات والدبابات والبوارج الحربية والصواريخ وتسيطر علي شئون البحر المتوسط بكنوزه وخيراته ومصر في طريقها لتكون مركز العالم في التجارة والطاقة.. أيضا مؤسسة نايت فرانك العالمية خرجت وقالت إن سوق الإنشاءات في مصر يبلغ 550 مليار دولار وتم إسناد مشروعات للشركات الإنشائية بـ 120 مليار دولار قيد التنفيذ مايعني أن مصر منطلقة..
كل ما سبق من طوفان الأقصي وتعطيل الملاحة في البحر الأحمر والدولار ومماطلة صندوق النقد الدولي ومن قبله ثورات الخريف العربي والتهجير والحصار كان الهدف منه مصر أولا وأخيرا.. كان مطلوبا أن تتوقف مصر عند هذا الحد من التنمية وألا تستمر في النهوض والتعملق، وليس مفروضا أن تكون قوة إقليمية مهيبة تهيمن على المنطقة لكن الرئيس السيسي أجهض كل تلك المؤامرات واحدة تلو الأخرى حتى حارت فيه أجهزة استخبارات العالم بسبب جرأته وثقته في نفسه وشعبه..
فطن العدو أن نقطة قوة الرئيس السيسي هي ثقة الشعب فيه فعبثا حاولوا دق أسفين بين الشعب وزعيمه عن طريق حملات ممنهجة وأكاذيب تروج بعناية ودراية كاملة من أجهزة محترفة على غرار تشويه كل أنجاز وتحريف الكلم عن مواضعه وإذا نفذ الرئيس مشروعا قالو عنه إهدار للمال العام وإذا نجح قالوا من قوت الغلابة، وإذا ترك سكان العشوائيات قالوا نسي الفقراء وإذا نقلهم لمدن جديدة وآدمية روجو أنه تهجير قسري.. قالوا ترك المصريين للمرض وحينما قضى على الأمراض المزمنة قالوا إن الأمم المتحدة هي عالجتهم.. وقناة السويس الجديدة ترعة ولما نجح المشروع قالوا إنها فكرة قديمة وقد سرقها.. هكذا يتم تشويه التعب والعرق والوطنية في كل ساعة ودقيقة على مواقع التواصل الاجتماعي.. يهاجمون الرئيس لأنه بني دولة ونسي نفسه ولم ينسى الشعب رئيس لم يعش حياة الترف ويعمل على مدار الساعة وفي أيام الجمع والعطلات، لايعادي أحد لكن الجميع يخشى غضبه قبل حلمه.
ما الحل وقد خرجت مصر عن السيطرة وكسرت كل القيود وحطمت كل نواميس السياسات السابقة وبقي رأيها يشكل خريطة السياسة الدولية ورئيسها مناور بارع صنع تحالفات عالمية جديدة وغير قواعد اللعبة وعاد مركز الجاذبية لمصر..فالمطلوب خنقها من كل ناحية.. حرب أهلية في ليبيا ومحاولة جر مصر للانخراط في الصراع بقتل 21 قبطيا وإشعال النار في الجار الجنوبي على أمل أن تصل ألسنتها لمصر ووقف الملاحة بقناة السويس عن طريق تحريض الحوثي للضغط اقتصاديا بتسخين أزمة الدولار واستنزاف السوق المصرفي وجمع كل دولار في السوق وتهريبه للخارج .. تسخين الشارع بحملات منظمة وممولة من حسابات السحب فيها على المكشوف لتشويه القيادة والانجازات وعودة الوجه القبيح للإخوان وتحريك ذراعها المسلح حسم لبث الرعب ولو عن طريق استعراض تلفزيوني.. مماطلة صندوق النقد الدولي في صرف القرض .. احجام دولا عربية على مساعدة مصر.. كلها خيوط توصل لهدف واحد مزيد من الضغط على رأس مصر في الماء.. لكن هيهات وألف هيهات فمصر نجت من كل المؤامرات وخرجت منتصرة مزدهرة في محيط مشتعل.
في النهاية أوجه كلمة للأمة العربية إذ أن هناك ثمة اعتقاد دسته أيديولوجيات بالية أن قوة مصر وتوحشها سيوقظ لديها غريزة التوسع الفطري في الإقليم وتحرك فيها قوتها الذاتية لفرض نفسها بالقوة مستمدة ذلك من خلفية أنها أقوى وأول حضارة بشرية وأول قوة عسكرية في العالم وأول جيش نظامي عقيدته حماية الحدود وملاحقة الأعداء من أقصى الشمال لمنابع النيل جنوبا إذا ما شعرت بتهديد.. وغزت الأجهزة الغربية ذلك المعتقد لدى دول الإقليم والدول الشقيقة أن مصر لو كبرت ستلتهم المنطقة وأنها يجب ألا تطفو وألا تغرق في نفس الوقت.. ذاك المعتقد هو من بين أسباب الهجوم الممنهج على مصر ورئيسها من الأصدقاء والأعداء على حد سواء ودافع لحصارها في أوقات الصحوة وتكرر ذلك منذ عصر محمد عهد وهو اعتقاد خاطيء بدده تصريح الرئيس السيسي «مسافة السكة»، والتاريخ الذي يقول إن مصر القوية هي درع الأمة العربية كلها وهي من صدت التتار المغول والصليبيين وحررت الدول من الاستعمار في عصر ناصر ..فجيشها حاميا من الغزاة ويوسفها أطعمهم من جوع وسيسها حفظها من الضياع والتفتت والتقسيم.. فاعتبروا يا أولي الأبصار.