السبت 26 يوليو 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
اقتصاد مصر

فرصة ذهبية في صناعة الملابس.. هل تصبح مصر مركزا عالميا لسلاسل الإنتاج الصيني والتركي؟

الخميس 24/يوليو/2025 - 10:00 م
الصين وتركيا يفتحات
الصين وتركيا يفتحات بابا ذهبيا لصناعة الملابس في مصر| تفاصيل

تعيش مصر لحظة مفصلية في مستقبل صناعة الملابس والمنسوجات، مع تسارع تحركات عملاقين صناعيين - الصين وتركيا - نحو القاهرة لنقل سلاسل إنتاج الملابس الجاهزة، وذلك في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية عالمية معقدة، تظهر مصر كأرض واعدة لإعادة تموضع استثمارات كبرى في واحد من أكثر القطاعات توظيفا وربحية وتصديرا.

فتواجه الصين وتركيا تحديات ضاغطة، وتسعى كل منهما لإيجاد أرض تصنيع بديلة تتوفر فيها المزايا التنافسية، ومصر تبدو أحد أبرز الخيارات المطروحة.

الصين تتربع على عرش صادرات الملابس الجاهزة

في الصين، لا تزال صادرات الملابس الجاهزة تتربع على القمة عالميًا، بقيمة 286 مليار دولار سنويا، مستفيدة من إنتاجها الضخم للقطن المحلي، لكنها تصطدم اليوم بتداعيات الحرب التجارية المستمرة مع الولايات المتحدة، وسياسات الرسوم الجمركية، التي بدأت منذ إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، وتعمّقت مع السياسات الحمائية المتزايدة في أمريكا وأوروبا.

أما تركيا، فتقف أمام أزمة مزدوجة،  تتمثل في تضخم مرتفع، وتقلبات عنيفة في سعر العملة، وارتفاع حاد في أسعار الطاقة والعمالة، مما دفع عدداً من الشركات الكبرى إلى البحث عن مراكز تصنيع جديدة منخفضة التكاليف، مع الحفاظ على قربها من أسواق أوروبا وأفريقيا.

الصين وتركيا يفتحات بابا ذهبيا لصناعة الملابس في مصر| تفاصيل 
 

طلبات رسمية وتحركات فعلية لنقل سلاسل الإنتاج

في هذا السياق، تزايدت طلبات الاستثمار الموجهة إلى مصر من شركات صينية وتركية لنقل مصانعها أو إنشاء مجمعات صناعية جديدة على أراضيها، خاصة في قطاع الملابس الجاهزة والمنسوجات.

وتلقت هيئة الاستثمار المصرية خلال الأشهر الماضية عدة طلبات رسمية من شركات صينية وتركية لتخصيص أراضي صناعية في مناطق استراتيجية مثل:

  • المنطقة الاقتصادية لقناة السويس
  • المنطقة الصناعية بالمنيا
  • المنطقة الصناعية بالفيوم
  • المنطقة الصناعية بالسويس

وزار وفد صيني رسمي الهيئة لاستكشاف فرص نقل خطوط إنتاج كاملة من الصين إلى الأراضي المصرية، في ظل بحث بكين عن بدائل آمنة ومحفزة لتقليل اعتمادها على السوق الأمريكية.

في المقابل، بدأت شركات تركية بالفعل بتنفيذ انتقالات فعلية، متجاوزة مرحلة الدراسة إلى التأسيس والإنشاء، بهدف خفض تكاليف التشغيل، والاستفادة من الحوافز المصرية.

استثمارات صينية وتركية ضخمة داخل مصر

وتشهد المرحلة الحالية تحركا ميدانيا واسع النطاق من الجانبين، حيث تم الإعلان عن حزمة استثمارات متنوعة وقيد التنفيذ حاليا، فشركة "شين شينغ" الصينية وقعت اتفاقيات بقيمة تقارب 1.6 مليار دولار لإقامة مجمعات صناعية متخصصة في إنتاج المواسير والأنابيب الحديدية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

أما شركة "صن ريف سولار" أطلقت مشروعا صناعيا ضخما لإنتاج الخلايا الكهروضوئية ورقائق السيليكون في العين السخنة، باستثمارات بلغت نحو 200 مليون دولار.

فيما ارتفاع عدد الشركات التركية العاملة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى 18 شركة حتى مطلع عام 2025، تعمل في مجالات الملابس الجاهزة والمنسوجات، والمنتجات الصحية، والأجهزة المنزلية وصناعة السيارات.

كما أعلنت شركات تركية أخرى ضخ استثمارات جديدة بنحو 120 مليون دولار في قطاعات متعددة، بينما كشفت شركة متخصصة في الملابس الجينز عن إنشاء مصنع ضخم في بورسعيد باستثمارات تصل إلى 700 مليون دولار، ليصبح أحد أكبر المصانع في هذا المجال داخل القارة الأفريقية.

الصين وتركيا يفتحات بابا ذهبيا لصناعة الملابس في مصر| تفاصيل 
 

لماذا تتجه الأنظار نحو مصر؟

تعد مصر أحد أكثر المواقع الجغرافية تميزا للمصنعين الدوليين، وتجمع بين عناصر جذب لا تتوفر مجتمعة في دول أخرى بالمنطقة:

  • أجور منخفضة: متوسط الأجر الشهري للعامل يقل عن 150 دولارًا، ما يخفض تكلفة التشغيل مقارنة ببلدان المنشأ.
  • موقع استراتيجي: قرب مصر من أسواق أوروبا وأفريقيا يمنحها ميزة في خفض تكاليف التصدير وزمن الوصول.
  • اتفاقيات تجارية حصرية: أبرزها اتفاقية QIZ، التي تسمح بدخول المنتجات المصنعة في مصر إلى الولايات المتحدة دون أي رسوم جمركية، شرط وجود مكون إسرائيلي بسيط في الإنتاج.

صادرات مصر من الملابس الجاهزة

في عام 2024، بلغت صادرات مصر من الملابس الجاهزة نحو 2.8 مليار دولار، بنمو 18% عن عام 2023، وهو رقم يعكس تحسنًا ملحوظا لكنه لا يزال بعيدًا عن المنافسة مع كبار المصدرين عالميًا.

ولعل الفارق الضخم بين صادرات مصر (2.8 مليار دولار) والصين (286 مليار دولار) وتركيا (36 مليار دولار) يبرز حجم الفجوة، لكنه في الوقت نفسه يوضح حجم الفرصة التي يمكن اقتناصها إذا ما تم تمكين البنية الصناعية في مصر ورفع قدرتها التنافسية.

الصين وتركيا يفتحات بابا ذهبيا لصناعة الملابس في مصر| تفاصيل 
 

هل تتحول مصر إلى "قلب الصناعة" في الشرق الأوسط وأفريقيا؟

الفرصة التاريخية تلوح أمام مصر، لكن اقتناصها لا يرتبط فقط بالظروف الدولية، بل بقدرة الداخل المصري على التحرك السريع، وتجهيز البنية، وتدريب العمالة، وتبسيط الإجراءات.

وصناعة الملابس والمنسوجات تمر بتحول عالمي يفتح أمام مصر بابا جديدا للعودة إلى ساحة التصنيع الكبرى، وإذا ما استثمرت الدولة هذا التحول بالشكل الصحيح، فقد تصبح القاهرة خلال سنوات قليلة واحدة من أبرز عواصم التصنيع النسيجي في العالم العربي والقارة الأفريقية، فهل تنجح مصر في اقتناص لحظتها الصناعية؟ هذا ما ستكشفه خطوات الشهور المقبلة.