عمرو عامر يكتب: حين احترق قلب مصر الرقمي.. وبقى البنك التجاري الدولي نابضًا

كانت الحياة تسير بوتيرة اعتيادية مساء يوم الإثنين الماضي .. موظفون أنهكهم يوم العمل، ومواطنون يتعاملون بهدوء مع ماكينات الصراف الآلي، ومراهقون غارقون في عوالم الألعاب والإنترنت، واتصالات أرضية تربط المصالح الحكومية والمطارات، ومدفوعات إلكترونية تسير بلا عوائق.
لكن فجأة، ودون أي إنذار، انقلب المشهد رأسًا على عقب .. اندلعت النيران في سنترال رمسيس، القلب الرقمي النابض لمصر، وتعطّلت معه كل مظاهر الحياة الرقمية: لا إنترنت، لا اتصالات، لا سحب أو إيداع، لا حجوزات أو معاملات إلكترونية .. بدا وكأن البلاد قد عادت سنوات إلى الوراء في لحظات، وسط ذهول عام وشلل تام ضرب القطاعات الحيوية.
رغم جسامة الحادث، لم يكن ما حدث قدحًا في البنية الرقمية لمصر، التي شهدت خلال السنوات الأخيرة قفزات نوعية في البنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات .. لكن الأزمة كشفت خللًا جوهريًا في تأمين منشآت بالغة الحساسية، وفي غياب البدائل التشغيلية السريعة، وهي مسائل يفترض ألا تنتظر تحذيرًا، إذ لا أحد يضع كل البيض في سلة واحدة.
وفي خضمّ العجز الرقمي، برز مشهد فريد استوقف الجميع: البنك التجاري الدولي CIB وحده ظل صامدًا.
في وقت تعطّلت فيه خدمات السحب والإيداع لدى معظم البنوك، بقيت ماكينات الـCIB تعمل بكفاءة، مانحة آلاف المصريين متنفسًا ماليًا في أوقات حرجة.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للذهاب إلى مواقع هذه الماكينات، التي تحوّلت إلى ملاذ حقيقي لمحتاجي السيولة.
لم يكن هذا الصمود مفاجئًا لمن يعرف كيف تدار الأمور في التجاري الدولي.
كصحفي قضى سنوات طويلة قريبًا من القطاع المصرفي، أعلم تمامًا أن البنك يضع خطط طوارئ محكمة، ويملك بنية معلوماتية مرنة وذكية، لا تترك شيئًا للصدفة، حتى في أسوأ السيناريوهات .. في CIB، يتم التعامل مع المخاطر كوقائع محتملة، لا كاستثناءات نادرة .. فكلنا نعلم أن فارق العقلية هو ما يصنع التميّز.
في البنك التجاري الدولي، تُدار الأمور بفكر استباقي، بنظام لا يقبل الهوامش، وقيادة لا ترضى إلا بالكفاءة القصوى .. لم تحتج إدارة البنك إلى دعاية أو حملات تسويقية لتُظهر قوتها، فالموقف وحده كان كفيلاً بأن يروي القصة .. الناس اختبرت التجربة، لمست الفرق، وعرفت من يُؤتمن على أموالها وقت الأزمات.
قد تكون ألسنة اللهب أحرقت سنترال رمسيس، لكن شرارة الثقة اشتعلت في قلوب المصريين نحو مؤسسة مصرفية أثبتت أن التكنولوجيا ليست مجرد بنية، بل رؤية وقدرة على العمل في كل الظروف.
في الأيام القادمة، ربما تتغير خريطة العملاء بهدوء .. لكن المؤكد أن البنك التجاري الدولي خرج من الأزمة ليس فقط كبنك، بل كقصة نجاح تُروى.