OMFIF: البنوك المركزية تتجه نحو الذهب وتُعيد النظر في الاعتماد على الدولار

كشف معهد "OMFIF" (المنتدى الرسمي للمؤسسات النقدية والمالية) في تقريره السنوي عن تحوّل جذري في توجهات البنوك المركزية العالمية، مع تزايد الابتعاد عن الدولار الأمريكي كعملة مهيمنة على الاحتياطيات الرسمية، واتجاه ملحوظ نحو أصول الملاذ الآمن وعلى رأسها الذهب.
وبحسب التقرير الصادر عن مؤشر الأداء العالمي الصادر عن OMFIF، والذي استند إلى استطلاع شمل 75 بنكًا مركزيًا، فإن ما يقرب من 60% من البنوك المشاركة تعتزم تنويع محافظها الاستثمارية خلال العامين المقبلين، مدفوعة بالمخاطر الجيوسياسية المتزايدة، والحمائية التجارية، وعدم اليقين في السياسات الاقتصادية العالمية.
وأكد التقرير أن هذه الموجة الجديدة من التنويع لا تهدف بالدرجة الأولى إلى تعظيم العائد، بل إلى إدارة المخاطر وتعزيز المرونة في مواجهة التقلبات، وهو ما ينعكس في الاهتمام المتزايد بفئة الذهب كمخزن آمن للقيمة، فقد أشار 32% من البنوك المركزية إلى نيتهم زيادة حيازاتهم من الذهب على المدى القصير، ما يجعله أكثر الأصول طلبًا في الفترة الحالية.
وأشار OMFIF إلى أن الدولار الأمريكي، الذي كان في السنوات الماضية الخيار الأول لمديري الاحتياطيات، قد بدأ يفقد بعضًا من جاذبيته.
وأوضح التقرير أن الدولار هو العملة الوحيدة التي تراجع الطلب عليها هذا العام، في حين ارتفعت التوقعات بزيادة مخصصات اليورو والرنمينبي، خاصةً من قبل البنوك المركزية في الأسواق الناشئة.
كما أظهر الاستطلاع، الذي أُجري بين مارس ومايو 2025، أن 96% من المشاركين يعتبرون الرسوم الجمركية الأمريكية مصدر قلق جيوسياسي أساسي، فيما رأى أكثر من 80% أن التوترات السياسية تُعد من أبرز العوامل المؤثرة في قراراتهم الاستثمارية، متقدمة بذلك على التضخم والتغير التكنولوجي وأسعار الفائدة الحقيقية.
ورغم هذا الاتجاه الابتعادي، يؤكد OMFIF أن هيمنة الدولار لم تنتهِ بعد. إذ يرى أكثر من 80% من المشاركين أن الدولار لا يزال يوفر الأمان والسيولة اللازمتين، ويتوقعون أن يحتفظ بنسبة تفوق 50% من الاحتياطيات العالمية لعقدٍ مقبل على الأقل.
وتضمن التقرير أيضًا رؤىً من استطلاع شمل صناديق التقاعد العامة والصناديق السيادية، أظهرت بدورها تراجع الحماسة نحو الأصول الأمريكية، وتفضيلًا للاستقرار على المخاطرة، حيث اختارت غالبية المؤسسات الإبقاء على مخصصاتها الحالية.
ويستند هذا التقرير إلى بيانات من 90 مؤسسة رسمية تتجاوز أصولها مجتمعة 7 تريليونات دولار أمريكي، ما يمنح صورة عميقة حول كيفية تكيّف المؤسسات المالية العامة – جوهر النظام المالي العالمي – مع التحولات الاقتصادية والجيوسياسية الجارية.
واختتم OMFIF التقرير بالإعلان عن إطلاق "مجموعة عمل المستثمرين العموميين العالميين" بمشاركة البنوك المركزية ومنظمات شريكة، بهدف دراسة آليات وخطط تنويع الاستثمارات الرسمية، على أن تُنشر مخرجات هذه المبادرة خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في أكتوبر المقبل.