عضو المركزي الأوروبي: خفض الفائدة لا يزال خيارًا مطروحًا رغم اضطرابات النفط والتوترات الجيوسياسية

أكد فرانسوا فيلروا دي جالو، محافظ البنك المركزي الفرنسي وعضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، أن خفض أسعار الفائدة في منطقة اليورو لا يزال احتمالًا قائمًا، بالرغم من التقلبات الحادة في أسواق النفط الناجمة عن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
وفي مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز، أوضح دي جالو أن القصف المتبادل بين إيران وإسرائيل، بما في ذلك استهداف المنشآت النووية الإيرانية، لم يؤثر حتى الآن على النظرة الأساسية للبنك تجاه التضخم، مشيرًا إلى أن توقعات التضخم لا تزال معتدلة بحسب تقييمات السوق الحالية.
وأضاف أن ارتفاع قيمة اليورو خلال العام الجاري ساهم في امتصاص جزء من تأثير ارتفاع أسعار النفط، مما يمنح البنك هامشًا أوسع للمناورة في سياسته النقدية.
وقف إطلاق النار يعيد التيسير النقدي إلى الطاولة
جاءت تصريحات دي جالو قبيل الهبوط الحاد في أسعار النفط مساء الإثنين، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار شامل بين إيران وإسرائيل، ما أدى إلى تراجع المخاوف الجيوسياسية وفتح الباب مجددًا أمام الأسواق لاحتمال خفض إضافي في أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة.
وقال دي جالو: "إذا تأكد هذا الاتفاق، فقد يؤدي خلال الأشهر الستة المقبلة إلى مزيد من التيسير في السياسة النقدية".
السياسة النقدية.. من "الطبيعي" إلى "المرن"
وكان البنك المركزي الأوروبي قد شرع في دورة تيسير نقدي بدأت في يونيو 2024، وخفّض خلالها أسعار الفائدة على ثماني مراحل لتستقر عند 2%. وتتوقع الأسواق حاليًا خفضًا إضافيًا بمقدار 0.25 نقطة مئوية في النصف الثاني من 2025، بعد أن تراجع معدل التضخم في مايو دون هدف البنك البالغ 2%.
وشدد دي جالو على أن أسعار الفائدة الحالية تمثل "المستوى الطبيعي"، لكنها ليست بالضرورة "المستوى النهائي"، قائلًا: "المعدل المحايد والمعدل النهائي مفهومان مختلفان… قد يتطابقان، لكنهما ليسا متماثلين".
وأشار إلى أن الصراع في الشرق الأوسط يشكل مصدرًا جديدًا لعدم اليقين، مؤكدًا أن المركزي الأوروبي يراقب تحركات أسعار النفط عن كثب، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن "سعر النفط وحده ليس كافيًا لتوجيه السياسة النقدية".
كما أشار إلى أهمية متابعة تطورات سعر صرف اليورو، واحتمالات انتقال ارتفاع أسعار الطاقة إلى التضخم الأساسي، بما قد يستدعي إعادة تقييم المسار النقدي.
"المرونة" هي القاعدة الجديدة
اختتم دي جالو حديثه بالتأكيد على أهمية المرونة والاعتماد على البيانات في كل اجتماع للسياسة النقدية، قائلًا: "المرونة هي اسم اللعبة الجديد".
التجارة بين أوروبا وأميركا.. التأثير على النمو لا التضخم
وفي ما يتعلق بالتوترات التجارية المحتملة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، قلل دي جالو من احتمالات تسببها في ضغوط تضخمية كبيرة داخل منطقة اليورو، معتبرًا أن تأثيرها سيكون أكثر وضوحًا على معدلات النمو الاقتصادي.
كما أبدى دعمه لاستقلالية البنوك المركزية، في إشارة إلى التوتر المتجدد بين ترامب ورئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول، قائلًا إن: "جيروم باول وأعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يقدمون نموذجًا لما يجب أن يفعله المصرفي المركزي المستقل؛ قول الحقيقة وضمان استقرار الأسعار والقطاع المالي".