موسكو تتطلع إلى إنشاء محطات غاز طبيعي مسال في مصر.. القاهرة بوابة الغاز المسال إلى أوروبا؟

تسعى مصر لترسيخ مكانتها كمركز إقليمي رئيسي لتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي على البحر المتوسط والبنية التحتية المتطورة للغاز، وفي ظل الطلب الأوروبي المتزايد على مصادر طاقة بديلة، تبرز مصر كبوابة واعدة لتلبية هذه الاحتياجات، خاصة بعد توقيع اتفاق مبدئي مع روسيا أمس لإنشاء محطات غاز مسال في القاهرة.
ويستعرض هذا التقرير من بانكير، تفاصيل الاتفاق الروسي-المصري، واكتشافات الغاز في مصر خلال السنوات الماضية، مع تسليط الضوء على دور الذي يلعبه الغاز المسال في نمو الاقتصاد المصري، ومساهماته في تحول مصر إلى مركز رئيسي لتصدير الغاز إلى أوروبا.
تفاصيل اتفاق روسيا مع مصر على إنشاء محطات غاز مسال

وأعلن وزير الصناعة والتجارة الروسي، أنطون عليخانوف، في 14 مايو 2025، أن روسيا ومصر تجريان مباحثات ثنائية لإنشاء محطات للغاز الطبيعي المسال في مصر، والتي تأتي في إطار تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين.
وأشار عليخانوف إلى أن إبرام اتفاقية تجارة حرة بين مصر والاتحاد الاقتصادي الأوراسي قد يعزز هذا سبل التعاون في قطاع النفط والغاز بين موسكو والقاهرة، مما يفتح آفاقا لزيادة التجارة البينية.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه مصر لتعزيز بنيتها التحتية للغاز المسال، بينما تبحث روسيا عن أسواق جديدة لتصدير خبراتها وتكنولوجياتها في هذا المجال، خاصة مع التحديات التي تواجه صادراتها إلى أوروبا بسبب العقوبات الاقتصادية.
اكتشافات الغاز في مصر
شهدت مصر طفرة في اكتشافات الغاز الطبيعي خلال العقد الماضي، مما جعلها لاعبا رئيسيا في سوق الطاقة الإقليمي، أبرز هذه الاكتشافات هو حقل ظهر في البحر المتوسط، الذي اكتشفته شركة إيني الإيطالية عام 2015، ويعد أكبر حقل غاز في المنطقة باحتياطيات تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب.
إضافة إلى ذلك، تضم مصر حقولا أخرى مثل نورس وأتول، مما عزز مكانتها كمصدر محتمل للغاز المسال، ووقعت مصر مؤخرا 5 اتفاقيات بترولية باستثمارات تبلغ 221 مليون دولار، تهدف إلى تكثيف أعمال البحث والاستكشاف لزيادة الاحتياطيات.
وفي عام 2021، أكدت منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول أوابك أن مصر هي المصدر العربي الأسرع نموًا للغاز المسال، بفضل هذه الاكتشافات.
حجم امتلاك مصر للغاز: تجاوز 64.1 مليار متر مكعب

وفقًا لبيانات رسمية، بلغ متوسط إنتاج مصر من الغاز الطبيعي في عام 2022 نحو 64.1 مليار متر مكعب، بينما بلغ الاستهلاك المحلي 60.95 مليار متر مكعب، مما يشير إلى فائض محدود في الإنتاج.
تقدر احتياطيات مصر المؤكدة من الغاز الطبيعي بنحو 77 تريليون قدم مكعب، مما يجعلها واحدة من أكبر الدول المنتجة في المنطقة.
ومع ذلك، تواجه مصر تحديات في تلبية الطلب المحلي المتزايد، مما دفعها لاستيراد ما يتراوح بين 155 و160 شحنة غاز مسال في عام 2025 لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
وتعتمد مصر حاليا على محطتي تسييل رئيسيتين في إدكو ودمياط، بطاقة إجمالية تصل إلى حوالي 12 مليون طن سنويا، وهي تسعى لزيادة هذه الطاقة عبر التعاون مع شركاء دوليين مثل روسيا.
الغاز المسال في مصر.. العمود الفقري للتصدير
يلعب الغاز المسال دورا محوريا في الاقتصاد المصري، حيث يساهم في تعزيز إيرادات التصدير وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد، وفي عام 2022، أصبحت مصر واحدة من أكبر مصدري الغاز المسال في المنطقة، حيث صدرت حوالي 8 ملايين طن، معظمها إلى أوروبا، التي تسعى لتنويع مصادر طاقتها بعيدًا عن الغاز الروسي.
ومع ذلك، تواجه مصر تحديات اقتصادية، منها ارتفاع تكاليف استيراد الغاز المسال لتلبية الطلب المحلي، خاصة مع تخفيف أحمال الكهرباء الناتج عن نقص الوقود.
ويتوقع أن يسهم التعاون مع روسيا في إنشاء محطات جديدة في خفض التكاليف وزيادة القدرة التصديرية، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للغاز المسال، كما أن موقع مصر الاستراتيجي على البحر المتوسط وقربها من قناة السويس يجعلها بوابة مثالية لنقل الغاز إلى أوروبا.
الغاز المسال.. مستقبل اقتصادي واعد

تعد المباحثات بين مصر وروسيا لإنشاء محطات غاز طبيعي مسال خطوة استراتيجية قد تعزز مكانة مصر كمركز إقليمي لتصدير الغاز إلى أوروبا، بفضل اكتشافاتها الكبيرة واحتياطياتها المؤكدة، تمتلك مصر الإمكانيات لتصبح بوابة رئيسية للغاز المسال، لكنها تواجه تحديات تتعلق بالتوازن بين الطلب المحلي والتصدير.
إذا نجحت هذه المباحثات، فقد تسهم في تعزيز الاقتصاد المصري وتلبية احتياجات أوروبا من الطاقة، مما يرسخ دور مصر كلاعب رئيسي في سوق الغاز العالمي، ومع ذلك، يظل نجاح هذا التعاون مرهونا بالتغلب على التحديات اللوجستية والاقتصادية وضمان استقرار الشراكات الدولية.