بنك اليابان.. فرص رفع الفائدة تتراجع دون أن تُغلق تماماً

يواجه بنك اليابان المركزي أكبر اختبار في مسار تشديده النقدي منذ تولي المحافظ كازو أويدا منصبه قبل عامين، في ظل ضغوط متزايدة ناجمة عن التوترات التجارية العالمية، خاصة بعد فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية واسعة النطاق بقيادة الرئيس دونالد ترامب، مما يضيق هوامش اتخاذ قرارات رفع أسعار الفائدة.
ورغم تمسك البنك بإشاراته المتكررة إلى أن خطوته التالية ستكون رفع أسعار الفائدة، فإن وتيرة وتوقيت هذا القرار باتا محل غموض وتردد ملحوظ في الأسواق.
تضخم غير مستقر وحذر متزايد
قال أكيرا أوتاني، كبير الاقتصاديين السابق في بنك اليابان والمدير التنفيذي الحالي في "جولدمان ساكس اليابان"، إن المضي في رفع الفائدة وسط هذه الظروف غير المستقرة قد يؤجل الوصول إلى معدل التضخم المستهدف عند 2%، وهو ما يشكل سيناريو مقلقاً لصناع السياسة النقدية.
وأشار أوتاني إلى أنه أرجأ توقعاته بشأن رفع الفائدة التالي إلى يناير المقبل، مؤكداً أن النهج الأكثر أماناً حالياً هو تأجيل أي تحرك جديد إلى أن تتضح معالم الاقتصاد العالمي والمحلي.
حياد سياسي وقلق اقتصادي
التوجه نحو سياسة نقدية أكثر حيادية يبدو منطقياً في ظل التهديدات المتزايدة التي تواجه اقتصاد اليابان المُعتمد على التصدير. وفي تقريره الفصلي الأخير، خفّض بنك اليابان توقعاته للنمو والتضخم، مؤكدًا أن المخاطر تميل نحو الاتجاه الهبوطي، ما يعكس تآكل قناعته بزخم الأسعار في الفترة المقبلة.
وحذر المحافظ أويدا من "مستويات عالية من عدم اليقين"، مشدداً على استمرار البنك في رفع الفائدة على المدى الطويل، لكن مع التأكيد على أن التضخم الأساسي يحتاج مزيداً من الوقت للعودة إلى هدفه، بعد فترة من التباطؤ.
تجارب الماضي والمخاوف من التكرار
يُذكر أن تاريخ السياسة النقدية اليابانية يشهد سلسلة من محاولات التطبيع غير المكتملة، إذ لم تتجاوز أسعار الفائدة القصيرة الأجل 0.5% خلال العقود الثلاثة الماضية، بفعل ركود الأجور وتكرار الصدمات الاقتصادية العالمية.

لكن هذه المرة قد تكون مختلفة:
فالتضخم الأساسي تجاوز هدف البنك البالغ 2% لثلاثة أعوام متتالية.
وارتفاع تكاليف المواد الخام، خاصة أسعار المواد الغذائية وعلى رأسها الأرز، دفع الشركات إلى رفع أسعارها تدريجياً.
كما أدى تقلص القوى العاملة إلى ضغوط متصاعدة لزيادة الأجور وفرض رسوم أعلى على الخدمات.
وسجّل التضخم العام 3.6% في مارس، ما أثار سخطًا شعبياً وسياسياً وسط ارتفاع تكاليف المعيشة.
ضغوط على الين وتغير في توقعات الأسواق
حذّر البنك المركزي في تقريره من أن الارتفاع المستمر في أسعار الأغذية قد يؤدي إلى زيادات أوسع نطاقًا في الأسعار مستقبلاً، وهو ما يضع ضغوطًا إضافية على صناع القرار.
في الأثناء، تراجع الين الياباني بنسبة 1.1% إلى 144.74 ين للدولار، وهو أدنى مستوى له منذ 10 أبريل، بفعل تزايد القناعة بأن البنك سيتأنى كثيراً قبل اتخاذ أي قرار جديد بشأن الفائدة.
وعدل محللو مورغان ستانلي توقعاتهم، مشيرين إلى أن أسعار الفائدة اليابانية، التي تبلغ حالياً 0.5%، قد تبقى مستقرة حتى نهاية عام 2026.